عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

كان من المفترض أن أكمل سلسة مقالاتى «المهنة كاتب» ولكن عذرًا سأرجئها هذا الأسبوع، لأن دمى يغلى كعروبتى على ما يحدث فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وسط نفس الصمت الدولى المتواطئ، مع بعض البيانات الباهتة من الشجب والإدانة التى لا تفرق كثيرًا عن الصمت الداعم لكل ممارسات الاحتلال الإسرائيلى ضد أصحاب الأرض والحق، صورة نمطية ممرورة ومكررة لم تتغير منذ 1948، ولعل هذا الإعلامى «الحنجورى» جعل دمى يفور أكثر وأكثر وهو يعلق على العملية الفدائية، التى نفذها الشاب الفلسطينى يوم الجمعة الماضى، ردًا على الغارات والمذبحة التى نفذها الاحتلال فى مخيم جنين.

ظل الإعلامى لبضعة دقائق «يجعر» بأعلى درجه فى حنجرته متوعدًا الفلسطينيين بليلة سوداء سينتقم فيها الإسرائيليون، وظل يكرر أن دولة إسرائيل لن تسكت على هذا الهجوم، وأنها ستنتقم وستذيق الفلسطينيين ويلات العذاب والثبور، و«هتوريهم وتعمل وتسوى فيهم»، وإن كبار المسئولين الإسرائيليين انتقلوا لمكان الحادث، وهناك اهتمام واستنفار أمنى إسرائيلى، وسينتقمون، سينتقمون، سينتقمون، ومع صوت «جعيره»، كانت صور الفيديو فى الخلفية مسلطة على مكان الحدث وتركز على انتقال المسئولين الإسرائيليين لمكان الحادث و.. و..

أنا شخصيًا لو لم أعرف أن من يتكلم إعلامى مصرى، وسمعت تعليقه على الحدث وتهديداته للفلسطينيين بما سيفعله بهم الإسرائيليون، لاعتقدت على الفور أنه مراسل إسرائيلى من الأراضى المحتلة، وكان من جملة السوء والبشاعة أيضاً ترديده مصطلح «دولة إسرائيل» الأراضى الإسرائيلية، دون أن يرد على لسانه ولا مرة واحده كلمة «الأراضى المحتلة»، حتى جاء هذا الصحفى نائب رئيس تحرير الصحيفة الفلسطينية المعروفة لينتشل ما يقوله الإعلامى المعروف من «الوحلة» وكأنه يضربه على «نافوخه» ويجعله يفيق ويصوب له ما «يجعر» به، فقال له اسمها الأراضى الفلسطينية المحتلة وليس الأراضى الإسرائيلية، والشعب الفلسطينى لن يهاب أى ردة فعل، لأن ما حدث هو رد طبيعى على مذبحة مخيم جنين الذى قتل فيه الاحتلال حتى المسنين والأطفال، مطالبًا العرب باتخاذ موقف موحد عملى لإيقاف الصلف الإسرائيلى وانتزاع الحق الفلسطينى فى إقامة دولة معترف بها.

شعرت بالخجل ليس كصحفية، ولكن كإنسانة مصرية، أن يسقط هذا الإعلامى هذا السقطة فى تغطية خبر يمس الشعب الفلسطينى صاحب القضية والحق، القضية التى توجع كل مصرى وتؤرق ضميره، فهذه سقطة عار تتجاوز كونها فشلًا إعلاميًا ينسب له.

قلبى وقلوب كل المصريين مع إخوتنا الفلسطينيين، وليت بأيدى الشعوب اتخاذ القرارات والتحركات عوضًا عن حكامهم، لكان الأمر الآن مختلفاً، ولكان الشعب الفلسطينى استعاد كامل أرضه وحقه، ولعاد اليهود إلى حيث جاءوا، إلى روسيا، رومانيا، بولونيا، لتوانيا، ألمانيا الولايات المتحدة، دول أوروبا وإثيوبيا، أو لعاش منهم من بقى على الأقل فى سلام، ضيوفًا على الأراضى الفلسطينية تحت كنف ورعاية دولة فلسطين قوية مستقلة يدعمها كل العرب وأصحاب المروءة.

هناك سقطات إعلامية لا يمكن التهاون معها وتركها تمر مرور الكرام، خاصة فى الأحداث ذات الطبيعة الساخنة والحساسة، التى تتعلق بموقف مصر أو التعبير عن هذا الموقف، وكلنا يدرك أن القضية الفلسطينية هى وجع فى ضمير كل مصرى وعربى، وكل إنسان على ظهر الكرة الأرضية لديه ضمير، لذا يجب أن تكون الكلمات التى تعبر عن تلك القضية وكل ما يتعلق بها من تطورات وأحداث تقال بدقة، وتكون موزونة بميزان أدق من ميزان الذهب، المسألة ليس استعراضًا للحنجرة والسلام، راجعوا ما ستنطقون به على الشاشة أو ما تكتبه أقلامكم، لأن هناك أخطاء يستحيل معها المحو أو النسيان، أخطاء لا تغتفر.

 

 

[email protected]