رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«وجدت أكبر راحة لأعصابى وبدنى وذهنى فى هذا الأسلوب التقريرى البديع الذى يدنى جميع السماوات إلى مستوى يدك حتى تستطيع أن تلمسها دون أى مجهود منك ودون أن تصاب روحك برجة عنيفة مزلزلة. حتى الدموع التى ذرفتها وأنا اصحب «الست أمينة» إلى بيت أمها بعد طلاقها، وأنا أسير مع «كمال» وراء نعش لا يعلم أنه يضم حبيبة عمره.. هى دموع رقراقة تزول بمجرد أن أمسحها بطرف إصبعى من تحت جفنى، حزن مهذب جنتلمان يشجيك بكل أمان ولا يضر المعدة ولا القلب.. الكلام كالماء الزلال سهل بلا تعقيد، لك أن تمزمز به، أو تحتسيه على مهل، أو تشربه وفمك يعب منه عبًا.

سيزداد حمدك لسهولته إذا كنت قد قرأت قبل مرضك شيئًا لبشر فارس.. والتفاصيل التى يعرضها «نجيب» هى الوسط المثالى بين «اللت والعجن» وبين «اللبيب بالإشارة يفهم». أسلوب له قدرة هائلة على أن يمشى مع كل إنسان خطوة. وعلى ذلك فلم يترك نجيب فى نفسه حاجة لم يقلها، بل جعل قصته كلها خطًا متصلًا ليس فيه عقد ولا مطبات ولا محطات لا يمكن الوقوف قبل بلوغها».

هنا علينا أن نتوقف عند ما يقوله يحيى حقى، لأنه يشير للقيمة الجمالية التى شعر بها.. إنها النشوة التى تكونت لديه عندما تلقى العمل الفنى أو الأدبى.. وهذا يذكرنا بما قاله د. زكى نجيب محمود فى مقدمة كتاب (.. الإحساس بالجمال – لجورج سانتيانا: ترجمة.. د. محمد مصطفى بدوى.. لكى تدرك شيئًا ما إدراكًا جماليًا، يتحتم أن تضيف إلى حقيقته الواقعة «قيمة» لا تستمدها من عالم الواقع، بحيث يكون له فى نفسك نشوة ولذة، ولا يكفى – بطبيعة الحال – أن تقول عن الشىء إنه جميل، بل لابد أن تحس النشوة عند إدراكه نشوة صادقة مخلصة لا زيف فيها ولا تزوير، فلو انتشيت لشىء مثل هذه النشوة فإدراكك له عندئذ هو إدراك جمالى مهما اختلف عنك سائر الناس فى ذلك).

(ونذكر هنا مميزات أربع لابد من توافرها فى إدراك الشئ إدراكًا جماليًا أولًا: فهو «قيمة» وليس إدراكًا لواقع معين أو لعلاقة بذاتها قائمة بين عدة وقائع، ونعنى بأنه «قيمة» أنه انعطاف من الذات وميل وجدانى نحو شىء بعينه. ثانيًا: وهو إحساس «إيجابى» لأنه منصب على الشىء الحسن الماثل أمام الشخص المدرك. ثالثًا: وهو «مباشر» لأنه لا يراد به أن يكون وسيلة لمنفعة آجلة، و«المباشرة» أعنى أن يتلامس الشخص والشىء وأن يكون على صلة فى لحظة الإدراك ذاتها. رابعًا: ثم هو إلى جانب هذا كله وفوق هذا كله، إخراج للنشوة الذاتية إخراجًا يدمجها فى عناصر الشيء وكأنها جزء من طبيعته، وعندئذ ينظر الرائى إلى الشىء الجميل فيحسب أن النشوة والمتعة واللذة منبثقة من الشىء ذاته وصادرة عنه لا من نفسه هو الباطنية ومن طبيعة كيانه العضوي). وللحديث بقية.

 

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال

أكاديمية الفنون