رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاوى

تلقيت رسالة رقيقة من المفكر والمثقف الكبير الأستاذ محمد عبدالمنعم الدمياطى الأصيل يطالبنى بالحديث أكثر عن نشأة الصحافة المتخصصة، وذلك ردًا على المقال الذى كتبته منذ أسابيع فى هذا المكان. والحقيقة أن محافظة دمياط كانت من المحافظات المهمة جدًا فى الصحافة الإقليمية والمتخصصة وسوف أتحدث عن ذلك فيما بعد.

المعروف أن نشأة الصحافة المتخصصة قد تطورت وبشكل كبير خلال النصف الأول من القرن العشرين، والذى كان فى حد ذاته امتدادًا واستمرارًا لتلك الطفرة التى شهدتها الصحافة المتخصصة خلال العشر سنوات الأولى للاحتلال البريطانى مدعومة فى ذلك بعدة عوامل مثل تطور الصحافة الشعبية، واستمرار نمط الملكية الفردية للصحف. وكذلك رغبة المحتل فى صرف اهتمام الصحافة عن الأمور السياسية، حيث كان انتشار الصحف المتخصصة وتطورها فى العقد الأول للاحتلال يعد الشرارة الأولى لمزيد من التخصص فى الصحافة المصرية، والتى تبلورت فى الصحف النسائية والفنية وصحف الشباب والطلبة.

قبل ثورة 1952، عرفت مصر بعض أجهزة الإعلام مش الاذاعة والصحافة ولكن الإذاعة كانت فى بداية الأمر فى شكل متواضع، فقد كانت ضعيفة التأثير إلى حد ما. وكانت الإذاعة مقصورة على مناطق معينة ولكننا عندما نرى بعين الباحث المدقق أوضاع الصحافة المصرية وتعددها بين أهلية وحكومية قبل 52 لما أمكننا، أن نتجاهل أبدًا الصحافة المصرية والدور الذى لعبته فى التمهيد للثورة ذاتها. فنحن ضد الرأى الذى يقول إن مصر كانت بلا صحافة قبل ثوره 52. فلولا هذه الصحافة ما كان يمكن شحذ الرأى العام المصرى بتقبل فكرة الثورة أصلاً، مما جعل الشعب يدرك أن الثورة حتمية تاريخية.

وبالاطلاع على كشف الدوريات فى الهيئة المصرية العامة للكتاب وفى دار الكتب وجد أكثر من 200 مطبوعة كانت تصدر فى مصر قبل الثورة ما بين مجلة ربع سنوية ومجلة شهرية وأخرى نصف شهرية وما بين جريدة يومية وأخرى أسبوعية. أما بعد قيام ثورة 52 فقد شهدت مصر العديد من التغيرات الجذرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتى انعكست بدورها على الصحافة وأهم عنصر مارس تأثيرًا كبيرًا على الصحافة المصرية خلال تلك الفترة هو نمط العلاقة بين الصحافة والسلطة السياسية وكيف كانت تنظر تلك السلطة إلى دور الصحافة وأهميتها.

وقد أثرت هذه التغييرات السياسية على الحياة الصحفية المصرية ككل حيث قامت حكومة الثورة خلال الفترة الأولى بعدد من الإجراءات السياسية والصحفية التى أدت إلى تغيير الخريطة الصحفية من حيث اختفاء صحف وظهور أخرى جديدة وتقريب صحفيين واعتقال آخرين واستمرار الرقابة سواء كانت معلنة أو مستترة يقوم بها رؤساء تحرير الصحف وتعطيل الصحف ومصادرتها بالطريق الإدارى. وكان من أهم هذه القرارات وقف الصحف الحزبية والذى جاء كرد فعل للإعلان الدستورى بحل الأحزاب فى 16 يناير 1953.

ويمكن القول بصفة عامة إن جميع الإجراءات والقرارات التى أصدرتها الحكومات المتعاقبة منذ ثورة يوليو وحتى نكبة 1967 كانت جميعها تتجه نحو مزيد من إحكام السيطرة على الصحافة وتوجيهها فى خدمة النظام الحاكم، وذلك بداية من فرض الرقابة على الصحافة وإيقاف الصحف الحزبية وإلغاء تراخيص العديد من الصحف وإبعاد عدد من الصحفيين بسبب خلافاتهم مع القيادة السياسية مرورًا بصدور قانون تنظيم الصحافة الذى يعتبر الحلقة الأولى من سلسلة قوانين التأميم التى صدرت عام 1961.

أما بشان الأزمات السياسية التى واجهت الصحافة المتخصصة فى تلك الفترة فهو حديثى القادم إن شاء الله.