عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

«ما لا يدرك كله لا يترك جله» قاعدة فقهية وحكمة إنسانية اجتماعية للتيسير على البشرية اتخاذ السبل فى مناهج الحياة، وتعنى، إذا تعذر حصول الإنسان على الشىء كاملاً، يمكنه فعل بعضه مما يقدر عليه، فلا يترك الكل بحجة العجز عن فعل بعضه، فإيجاد الشىء فى بعض أفراده للاستفادة منه، أولى من إعدامه أو التخلى عنه كلية، وقد استوقفنى وكثيرين ما قاله الدكتور على مصيلحى وزير التموين مؤخرًا أمام البرلمان وبصورة واضحة لا تقبل اللبس أو التأويل، انه لا عودة للتسعيرة الجبرية للسلع، واستشهد فى رفضه بالأرز، قائلا إن الحكومة حين لجأت للتسعيرة، أدى ذلك إلى تلف الأرز، لامتناع التجار عن بيعه بالتسعيرة وتخزينه بالمخازن، ولكنه عاد وقال فى تناقض غريب أمام نفس جلسة البرلمان انه « لولا تسعير الأرز لواجهنا مشكلة حقيقية».

وهو كلام يضعنا فى حيرة من امرنا، هل التسعيرة أتلفت الأرز وأفسدت الوضع وعطشت السوق، أم أن التسعيرة أنقذت الوضع وقلصت من حجم المشكلة، وحدت من الاحتكار وجشع التجار ومغالاتهم فى الأسعار وكانت فى صالح المستهلك، فى تصورى الشخصى كمواطن ومستهلك، التسعيرة الجبرية للأرز وضعت حدًا لجشع التجار، ولم تسبب لهم الخسائر التى يزعمونها بدليل قبول البيع بالسعر الذى حددته الحكومة، وإذا كان البعض يردد ما يقوله وزير التموين من أن الاقتصاد المصرى لا يعرف التسعيرة الجبرية، فما المانع أن يعرفها اقتصادنا الأن فى هذا التوقيت الحساس الذى تمر به مصر، وان تكون التسعيرة لفترة محدودة لحين زوال الأزمة الاقتصادية الحالية أو على الأقل تراجع وطأتها، وتطبق على بعض السلع الأساسية، مثل الأرز، الزيت، السكر، الشاى، القمح، الذرة، والفول البلدى.

على أن يتم حساب التسعيرة لكل سلعة وفقًا لتكلفة الإنتاج الحقيقية، مع إضافة هامش ربح لا يزيد على 25%، وهو ربح معقول جدًا لأى منتج أو تاجر، فبديهى لا يوجد عاقل يمكنه مطالبة التجار بعدم تحقيق مكاسب وهوامش ربح مجدية لهم، ولكن فى نفس الوقت لا يجب اطلاق الحبل على الغارب ليحققوا مكاسب وأرباحا خيالية لاستغلال المواطنين، وبهذا تنجح الحكومة بصورة ملموسة أمام المواطنين فى مواجهة الارتفاع غير المبرر فى الأسعار، فما لا يدرك كله لا يترك كله، وتطبيق التسعيرة الجبرية لبعض السلع سيكون بمثابة طوق نجاة للمواطنين الغارقين فى موجه الغلاء التى بلغت حد السعار وستخفف عن عاتقهم بعض الأحمال.

فسياسة الاقتصاد الحر والسوق المفتوحة التى تطبقها مصر منذ السبعينيات، لا يجب أن تعنى أبداً، تجاهل أهمية المنافسة لصالح المستهلكين، أو تعنى غياب الأخلاق، واطلاق أيادى التجار للاستغلال والجشع، بل يجب تنفيذ ضوابط وإجراءات حاسمة ورادعة لحماية المستهلكين ومراعاة الأوضاع الاجتماعية العامة التى نمر بها من نسب البطالة، وتدنى مستوى الأجور، فلا تتركوا الحبل على الغارب، وإذ تعلل متحذلقون أن التسعيرة الجبرية ستعطش السوق من هذه السلع وتخلق أزمات، ارد عليهم بأن الدور هنا سيكون للجهات الرقابية وحماية المستهلك بجانب ممثلى المجتمع المدنى، للتفتيش على التجار والمخازن ومراقبة الأسواق لمواجهة المعوقات، ومحاربة خلق سوق سوداء، مع إيجاد بدائل من الأسواق والمجمعات الاستهلاكية الموازية لمواجهة أى تخزين أو تعطيش للسوق ممن سيحاولون التهرب من التسعيرة الجبرية.

لقد سأمنا وضقنا ذرعًا إلى حد الاختناق من إلصاق كل ارتفاع فى الأسعار بارتفاع سعر الدولار، هناك العديد من السلع والمنتجات المحلية الخالصة التى لا دخل فيها للدولار ولا للاستيراد من الخارج بأى شكل من الأشكال، مثلا ما دخل حزمة «البقدونس» بسعر الدولار، وقد بلغت جنيهين فى الأسواق الشعبية وخمسة جنيهات بالسوبر ماركت، وقس على هذا، لقد صرنا نصحو كل يوم لنجد تزايد الاسعار فى الأسعار، يا ساده التسعيرة الجبرية هى الحل فى الوقت الراهن، ولو إلى حين.

 

[email protected]