رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

مع نهاية عام 2022 واجهت مصر، على غرار غيرها دول العالم، العديد من التحديات الاقتصادية تزايدت حدتها بعد الأزمة الروسية الأوكرانية فى فبراير الماضى، وما تلاه من نقص للإمدادات فى مواد أساسية مثل النفط والغاز والقمح، وارتفاع أسعارها فى الأسواق العالمية. وهو ما استدعى إعلان البنك الدولى فى تقرير حديث عن تعديل توقعاته لدول العالم، وعن توقعاته بشأن الاقتصاد المصرى ‏بالخفض خلال العام المالى 2022/2023 وقد خفض البنك الدولى توقعاته لنمو الاقتصاد المصرى إلى 4.5% خلال ‏العام المالى 2022/2023 مقارنة بنسبة نمو بلغت 6.6% فى العام المالى ‏‏2021/2022.

وما يدعو للتأمل فى تقرير البنك هو وجود ازدهار فى عدد من القطاعات الاقتصادية فى مصر لا ‏سيما قطاع الغاز الذى استفادت منه مصر بدعم من ارتفاع أسعاره فى الأسواق ‏العالمية، وكذلك قطاعات الاتصالات والزراعة والبناء، إلا أن قطاعات أخرى ‏جاءت أقل من إمكاناتها مثل الصناعات التحويلية، وهو أمر يستدعى من الدولة ضرورة إعادة صياغة الإطار الذى تقوم عليه عملية الإصلاح الاقتصادى والهيكلى الثانية لمصر، والتى ترتكز على الصناعات التحويلية كأساس لتحقيق التنمية المستدامة، وهو ما يصطدم مع محاولة تأجيل تنفيذ المشروعات الدولارية لترشيد الإنفاق العام الاقتصادية فى ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، والتى من المحتمل معها أن يشهد سعر الجنيه تذبذباً خلال الفترة المقبلة لحين السيطرة على السوق الموازية للدولار، فى ظل إصرار الحكومة على تطبيق سعر صرف مرن، بعد أن تقدمت بتعهدات مقابل الحصول على تمويل جديد من الصندوق، وتضمنت هذه التعهدات التزام البنك المركزى بسعر صرف مرن بشكل دائم، للمساعدة فى التخفيف من الصدمات الخارجية، وتقليص العجز فى ميزان المدفوعات، وهو ما تمت ترجمته فى ارتفاع صافى الاحتياطيات الدولية للبنك المركزى إلى 34 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2022، بزيادة بقيمة 500 مليون دولار عن نوفمبر السابق له، لهذا اعتبرت شبكة بلومبرج الأمريكية، أن الاقتصاد المصرى، كما وغيره من الاقتصادات الدولية الأخرى، قد تأثر بالأزمة الاقتصادية العالمية، التى سببتها الأزمة الروسية الأوكرانية، وأن صندوق النقد الدولى، قد وافق على قرض لمصر لدعم أهدافها الاقتصادية وتصحيح بعض الأمور لديها، وهو الأمر الجيد، لكنه لا يخلو من صعوبات. لذلك فإن الحل الداعم لمصر هو مواصلة عمل الحكومة فى برامجها الجالبة للاستثمار، ودعم القطاع الخاص، وتصحيح المتطلبات المالية، من خلال قرض الصندوق. لذلك فإن إصدار الحكومة تعليمات للوزارات بخفض الإنفاق غير الضرورى حتى نهاية السنة المالية الحالية فى يونيو هو أمر جيد لتصبح عملية الضبط المالى وبما يتماشى مع ما أشارت إليه شبكة بلومبرج، إلى أن برنامج صندوق النقد الدولى الذى تمت الموافقة عليه فى ديسمبر الماضى، يدعم برنامج الإصلاح الخاص، ويهدف إلى معالجة نقاط الضعف وتعزيز النمو المستدام والشامل وخلق فرص العمل. ونؤكد أن هذا البرنامج يجب أن يرتكز على ثلاث ركائز رئيسية، هى تبنى سياسات سعر الصرف والنقدية على التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن الذى من شأنه أن يساعد فى امتصاص الصدمات الخارجية، ويساعد فى إعادة بناء الاحتياطيات، مع خفض التضخم تدريجياً. وثانيا، العمل على تحقيق انضباط مالى مستمر وبخاصة فى السياسات الهيكلية المالية، بما يضمن الحفاظ على ثقة السوق وضمان المسار التنازلى لنسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى مع تعزيز عملية الميزانية وزيادة الشفافية. ثالثاً تأكيد عمل الإصلاحات التى تعمل على تحسين قدرة الاقتصاد المصري، وبما يضمن استمرارية توليد النقد الأجنبى، وتوليد فرص العمل والنمو، وهو ما يستدعى ضرورة الإشارة إلى وصف الرئيس عبدالفتاح السيسى، الوضع بأنه «صعب»، لكنه أكد على أهمية عبور المرحلة بنجاح يحسب للمصريين. وهو ما يستلزم على أجهزة الدولة بالبدء فى إجراءات تقشفية. لا سيما أن حجم الديون الخارجية لمصر قريباً من 177 مليار دولار فى حين أنه لم يزد عن 140 مليار دولار عام 2021. ثم إن الدين العام المصرى يشكل حالياً 89%، ويعنى هذا أن خدمة الدين المصرى الذى تزيد سنوياً عن 20 مليار دولار، وفاتورة الواردات من السلع الأساسية سترتفعان بشكل كبير فيما تتراجع احتياطات البنك المركزى المصرى من العملة الصعبة. لذا تسعى الحكومة فى الوقت الراهن إلى اعتماد سياسة اقتصادية جديدة تطلق القوى الكامنة فى القطاع الخاص وتقلص دور الدولة فى الاقتصاد. وهو ما سنتناوله فى المقال القادم إن شاء الله.

 

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام