رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

معلوم أن مصطلح «البيروقراطية» لا يعنى بالضرورة سلوكًا سلبيًا، بل إن الترجمة الحرفية لهذا المصطلح المنحدر من كلمتين إغريقيتين، يعنى تطبيق القوانين وفق محددات هدفها اتباع أنظمة وتعليمات واضحة، من شأنها عدم التمييز بين الأفراد عند التطبيق وفقًا لسلم إدارى متفق عليه.

من هنا فإن الاختلال ليس بالمفهوم بقدر تعلقه بآليات التطبيق التى تمنح هامشًا من الاجتهاد لدى التنفيذ، أو من خلال عدم وضوح الهيكل الإدارى بحيث تتداخل الصلاحيات، سواء داخل المؤسسة الواحدة أو ما بين المؤسسات والوزارات، بحيث تضيع المسئوليات والواجبات، وتصبح القدرة على اتخاذ القرار اصعب..

وعندما يُقابل صاحب الحاجة بلا مبالاة من قبل من يفترض أن يقوموا باتخاذ القرارات وإنجاز المعاملات، تبدأ عملية الذم بالبيروقراطية كسلوك وليس كمفهوم، وتتعمق فجوة الثقة بين صاحب العلاقة والحكومة التى ترعى ذلك السلوك.

لدينا أكثر من 5 ملايين موظف حكومى فى مصر، يديرون حركة هائلة للأوراق المصلحية فى رحلاتها غريبة الأطوار المتدفقة الإيقاع فى القليل من تحركاتها، والبطيئة فى الأغلب الأعم من مساراتها، ولكنها فى كل الأحوال ترتبط فى دوراتها العجيبة بنظم ثابتة توارثها الموظف بكل امتثال قدرى مدهش ومُعتبر، وهو يتأمل بكل سعادة السلاحف حاملة ملفات أصحاب المصالح وهى تنتقل من مكتب إلى مكتب،  فإذا ما تفاقمت الأزمة بسبب الزيادة الهائلة فى أعداد العاملين نتذكر مقولة الكاتب الأكاديمى «نورثوكوت باركنسون»: إننى أجزم أنه إذا استطاع عشرة آلاف عامل أن يبنوا هرم خوفو فى عشر سنوات، فإن مليون عامل لا يستطيعون بناء الهرم فى مائة سنة!..

ومن الطريف أن مآسى ومعاناة الموظف المصرى اليومية، قد جسدتها حواديت فى الذاكرة المصرية، والتى يصل بعضها إلى حد الأساطير بداية من حدوتة شكوى الفلاح الفصيح، ووصولاً إلى أغنية «145 جنيه» التى يشيد فيها «أبو جريشة» بالتقدير البالغ لجهود الموظف المصرى والتى تمثلت فى تحديد راتبه الخيالى بــ 145 جنيهاً.. فيتغنى بهذا الرقم العبقرى!!

ورغم كل معاناة الموظف المصرى عبر تاريخ ممتد من شظف العيش، حتى مع كل محاولات رفع دخله ودعم ما يشتريه من سلع استراتيجية، إلا أن الصراع الوظيفى على الكرسى الأعلى قيمة معنوية ومنحًا للمزيد من الصلاحيات والأبهة الاجتماعية، يبقى هو الهاجس المسيطر على عقل الموظف ووجدانه وحلمه الذى لا يموت حتى بلوغ سن التقاعد.

وتبقى رواية «حضرة المحترم» ومبدعها الروائى العالمى نجيب محفوظ، خير الأعمال الراصدة بصدق فلسفى اجتماعى تلك الحالة الإنسانية الفريدة للموظف المصرى.. ويكفى أن نذكر القارئ بخلاصة الحكمة والخبرة  التى خلص إليها عثمان بيومى بطل العمل وهو المواطن السيكوباتى البائس الحالم:

< الحياة="" بدأت="" من="" خلية="">

< الحياة="" يمكن="" تلخيصها="" فى="" استقبال="">

< الأخطاء="" ترتكب="" بعدد="" تردد="">

< إن="" الله="" خلق="" النجوم="" الجميلة="" ليحرضنا="" على="" النظر="" إلى="">

< سعادتنا="" الحقيقية="" أن="" الله="">

< شق="" طريقك="" وسط="" الصخور="" خير="" من="" تسول="" صدقة="" من="">