رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

يا بنيتى، فارق كبير بين الطيبة والغباء أو «الهبل»، أغلبنا طيبون أذكياء، يمررون بالكثير من الأحداث فى حياتهم تسامحاً، يعرفون جيداً حقيقة من يتعامل معهم بصدق، وحقيقة من يخدعهم بحلو الكلام بغية استغلالهم أو حتى تدميرهم وله ألف وجه. الطيبون يضحون، يمنحون أجمل ما فى أيديهم لغيرهم «بمزاجهم» طوعاً، تقرباً لله، وتحبباً إلى البشر، وإياك أن تعتقدى أن الطيبين يطول خداعهم، حتى لو سقطوا حيناً فى براثن الخديعة، الله يكشف لهم بنوره كل من أراد بهم الشر، آجلاً أو عاجلاً، فيسقط قناعه، تموت محبته فى قلوبهم، ويصبح مرفوضاً مذموماً، لا ملاذ له إلا الاختفاء عن الأعين حتى لا يطولهم انتقامهم، وعليه أن يتقى شر الحليم إذا غضب، وما ادراك ِ بشر الطيبين إذا ما أرادوا الانتقام ممن آذاهم.

هكذا ساقت لى بهية المقدمة الطويلة التى مهدت بها وقوعها فى خديعة الزوج الثالث، فالزوج الأول سرق مالها ومال أولادها وهربه للخارج لصالح اثنين فقط من أولاده، كانا أهم عنده من كل الدنيا وما عليها، جرف حياتها من كل أمل فى المستقبل، كان مثل الحاوى، يخلع طاقية هذا ليلبسها للآخر، وأعتقد أنه قادر على مواصلة خداعها، بإطعام فمها وهى ولأولادها، أما باقى حياتها فصارت خرابة، فقالت، طالما هانت عليه هى وأولادها، فقد هانت عليها بالتالى طول عشرته، فخلعته وبكل جرائمه واجهته، أما الزوج الثانى كان ابن عيلته وعشيرته والدين لعبته، عباية ولحية، وقال الله وقال الرسول، وكان ناوى يكمل عليها، مد يده فى ممتلكاتها حتى من غير ما يسمى الله، وكأنها تركة أبيه، وبدأ يوزعها على عيلته، صرخت وقالا لا، وبعد سنة بالعافية، راحت خلعاه وفى السجن رامياه، أصل كان وراه بلاوى أكتر من اللى عارفاها، وجه الثالث، دخل عليها بالطيبة والسهوكة، وبكام لحن وأغنيه «أنا ليكى وأنت ليا، يا ضى العين يا بهية»، وهب من غير تفكير كتير، وقعت فى هواه، قالت هو ده اللى فاهم أوجاعى وهأكمل معاه، ويا سلام على الكلام لما يكون زى الزبدة فى الليل ويسيح مع طلعة النهار.

وتكمل الطيبة حكايتها وهى تؤكد أنها مش غبية ولا هفيه، وتقول «قالى بيتك قديم ومش لايق عليكى وعلى الولاد، نهده ونبنى مكانه كام بناية تكون للناس فرجة وحكاية، قلت ماشى نبنى ما يضرش ما هو العمار حلو، قال لى نهد بيوت الولاد القديمة ونبنى مكانها فندق وسوبر وكام سينما، ونعمل طريق جديد يوصلهم للشغل وللغيط، قلت ماشى، الوسع حلو، أهو يسهل على الولاد الحركة وفى الحركة بركة، قالى وقالى، وأنا أقول ماشى، أتاريه باع اللى ورايا واللى قدامى بتوكيل الثقة والأمانة، ومد إيده وهب، فضيت الخزانة، مش بس كده يا ندامة وألف ندامة، دار يستلف من اللى يسوى واللى ما يسواش وبفوائد ياما، وأخرتها، لما الحكاية وسعت منه وما تلمتش، والولاد جاعوا ومبقاش فى البيت حتى العيش والمش، قالى نبيع، ضربت إيدى على قلبى اللى حبه وصدقه، وقلت له نبيع إيه؟، قالى نبيع حته من أملاكك، وأنتِ هتعملى إيه بأصول جامدة، أهو نحركها فى السوق جوه وبره، يمكن نسد الديون، ونصلح شوية الخراب، صرخت فى وشه، ده جنون، وهو مين اللى خربها، وجاب قبل الأوان ضلفها، وسفف ولادى ترابها، كان مخك فين ساعتها؟

قاطعتها ذاهلة: لخصى يا بهية، حظك الأسود أخرته إيه؟، قالت بنبرة حزينة، والجوع والغضب طالل من عينيها، ومن كل ولادها حواليها، أنا قاعده ليل نهار مع الولاد أشاورهم نعمل إيه، طبعاً البيع مرفوض، ومش عارفة آخر الخراب والجوع ده إيه؟، أنا صبرت كتير والله عليه ومش عارفة صبرت كل ده ليه؟!...

 

 

[email protected]