عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نظرة تأمل

أرى أن هناك منحى خطيرا ننزلق له دون ان ندري يطيل أمد المعركة ضد الإرهاب يتمثل في الترويج لمفردات داعشية في خطابنا الديني وأحيانا عبر وسائل الاعلام – سواء بقصد أو دون – ما يؤدي بالتبعية الى تكريس عناصر استقبال الفكر المتطرف واعتقد انه آن الأوان لكي نعيد النظر فيمن يجب ان يعتلي المنابر ويخاطب البسطاء من الناس ومن يتحمل مسئولية الدعوة عبر أثير الإذاعة والتليفزيون ولا شك ان هذا دور وزارة الاوقاف والأزهر الشريف والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية لأن الخطاب الديني في الحقيقة خطاب إعلامي وكما نعلم ان الرسالة الإعلامية تساهم في تشكيل وعي المتلقي فما بالكم بالرسالة التي تحمل في طياتها مضامين دينية ونحن شعب متدين بطبيعته خاصة إذا علمنا أن الإرهاب ليس قضية أمنية رغم أن جانبا منها أمني لكن في الاساس هي قضية فكر يخاطب العقل، واذا كان الفكر فاسدا فإن العقل سيفسد إذا اقتنع بالفكر الفاسد وعليه تصبح مواجهة الإرهاب فيما يحدث اليوم التصدي للفروع دون التعاطي مع الأصول!!

تبدأ الأصول من الأسرة الخلية الأولى في المجتمع يليها دور العبادة ثم دور العلم من مدارس وجامعات، ولا يجب أن نغفل دور الإعلام في صياغة عقل الأمة، وكذلك الجمعيات الأهلية والاحزاب السياسية والنقابات المهنية، وتعد كل هذه الدوائر الاجتماعية نوعا من الحاضنات لأي فكر بغض النظر عن طبيعته يؤثر في النشء الذي يعتبر سلاح المجتمع بناء أو هدما إذا صلح الفكر قاد الى جيل صالح يبني مجتمعه على أسس سليمة، واذا فسد الفكر قاد الى جيل طالح يهدم مجتمعه ويقوض حاضره ومستقبله، ومن ثم اذا تسللت الى المجتمع التوجهات الإرهابية من خلال الفكر الذي يحاول مروجوه ربطه بالدين والدين منه براء فإننا امام مشكلة ليس للأمن دور فيها!

وكم سمعنا مقولة انه يجب القضاء على الإرهاب من خلال تجفيف منابعه وفي تصوري ان البعض قد لا يعلم الكيفية التي من خلالها يتم تجفيف منابع الإرهاب، وأجد ان تصحيح أو فلترة الخطاب الديني أمر مهم لإنجاز هذه الخطوة عن طريق العودة الى المفهوم الوسطي للدين وتربية النشء على قيم واخلاق هذه الوسطية وعليه يصبح من الضروري ان يتحمل الأزهر والكنيسة مسئولية مراجعة مناهج التربية الدينية والاهتمام بمن يقوم بتدريسها، فلا يعقل مثلا ان مدرس الالعاب يدرس تربية دينية للعجز في معلمي هذه المادة او مدرسة اللغة الفرنسية تقوم بتدريس التربية الدينية المسيحية خاصة في المدارس الخاصة!

إذن نحن أمام عملية بناء فكري لحماية أولادنا من الفكر المتطرف كي نقضي على الإرهاب من جذوره ولا نعطي الفرصة لنمو فروعه، وهنا نساعد في المواجهة الامنية التي لا تأتي إلا بعد استفحال المشكلة التي تتحول مع مرور الزمن الى ظاهرة يصعب السيطرة عليها.

بالطبع تساهم عوامل أخرى في تهيئة مناخ الإرهاب منها طول أمد المحاكمات فلا يمكن ان نحاكم ارهابيا بقانون الإجراءات الجنائية العادي الذي يعود تاريخه الى العام 1937 لأن الإرهابي مجرم غير عادي ولابد أن يحاكم أمام القضاء العسكري وتطبق عليه القوانين غير العادية، ولا ننتظر حتى تحدث عمليات إرهابية يذهب ضحيتها فلذات أكبادنا أو يدعونا رئيس الدولة الى رفع الاغلال التي تكبل العدالة الناجزة حتى نبدأ نفكر في تعديل القوانين، ولا شك أن موافقة مجلس القضاء الأعلى على مشروع قانون مكافحة الإرهاب خطوة إيجابية على الطريق الصحيح وإن جاءت متأخرة من هنا دعونا نفكر بشكل مختلف لحماية الوطن من خطر الإرهاب سواء القادم من الداخل أو الخارج ولا نخشى إلا الله في مواجهته، فالجميع في قارب واحد ومواجهة الإرهاب مسئولية مجتمعية!