عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 في تلك اللحظات التي تشعر فيها بنوع من الراحة أو الاطمئنان تظهر لك الحقيقة علي غير ما تشعر به ، وكأنه مقدر علينا أن نعيش لحظات الاضطراب أو التشاؤم أو علي أقل تقدير لحظات عذاب كل يوم، عندما أقرت الحكومة تطبيق كارت العيش الذكي وتحويل البطاقات الورقية لصرف السلع المدعمة من الدولة «بطاقات التموين»، شعر الناس أن التقدم قادم وأن الدعم سيصل إلي مستحقيه دون عناء، وبالفعل اختفت طوابير المصريين من أمام المخابز للحصول علي رغيف العيش،

 وانتظم الحال وشعر الناس بلحظات من السعادة، في تلك هذه اللحظات الذي شعر فيها البعض بالفرح للخلاص من طوابير العذاب، تلك الطوابير التي قتل فيها أناس من أجل الحصول علي رغيف عيش مدعم ، تلك الطوابير كانت كفيلة وحدها بأن تقول أن الحياة بهذه الطريقة غير أدمية، المهم أن الطوابير فعلياً لم تختف ولم تنته بل انتقلت من مكان لآخر ، تزحزحت هذه الطوابير من أمام المخابز لتتواجد أمام مكاتب التموين ومديريات التموين بل ووزارة التموين بذاتها والسبب هذا الكارت الذكي وبتعبير أدق كارت العذاب الذكي،

 ولنبدأ من البداية.. المواطن يذهب ليقف في طوابير مكتب التموين التابع له وينتظر الحصول علي كارت الخلاص الذي سينهي عذابه ومن خلاله سيحصل علي العيش المدعم هو وأولاده بعيداً عن الرغيف السياحي الأشبهة في سمكه بورقة السيجارة مع ارتفاع سعره بمعني أنه لا يسمن ولا يغني من جوع ، الفرح الشديد والسعادة الغامرة التي تراها علي وجه أخيك وهو ممسك بهذا البطاقة الذكية والحصول علي طوق نجاة تعتقد أنه قد ملك الدنيا واستراح من هم كبير،

 ويذهب بهذا الكارت قبل أن يدخل علي أسرته بهذه الغنيمة إلي أقرب مكتبة ليغلفه حتي يحافظ عليه من التلف فالوضع لا يحتمل طوابير أخري ولا يسمح الوقت له بالصبر يوما أو أسبوعاً لاستخراج بدل تالف أو فاقد، وتأتي المرحلة الثانية مرحلة الفرح الأكبر وتلك اللحظات الأولي التي يقف فيها أما أحد المخابز واثقاً من نفسه وأدميته ليطلب حقه في العيش وهو علي ثقة لا تنتهي أنه أصبح إنساناً ويجهز كيسه المصنوع من البلاسيك ليستلم أرغفته،

 وتأتي المفاجأة الكبري علي لسان العامل ليقول له الكارت لم يتم تنشيطه، وتبدأ الصدمة الأولي بعدم الحصول علي الأرغفة التي كان في انتظارها و«تتلبك» أمعاؤه ويختل توازنه وتفكيره ، ويأخذ الكارت مسرعاً إلي حيث مكانه الأول -  مكتب التموين -   ويحكي لهم ما حدث وبمنتهي البساطة والسهولة يرشدوه إلي مكان تنشيط الكارت ويذهب المواطن مسرعاً ويتم تشيط الكارت ويسأل المسئول «كده خلاص ممكن أصرف العيش» ؟ هذا السؤال ليس للشك بل للاطمئنان فيرد الموظف: «تمام كده لكن بعد يومين روح جرب»، المواطن الذي لم تكتمل فرحته والمعروف دائماً بصبره يردد قائلاً «بسيطه ماجتش علي يومين»،

 يمر عليه اليومين وهو يدعو الله أن لا يرجع مرة أخري خيب الرجاء من أمام المخابز ويمني نفسه ويطمأن أسرته أن كل شىء سيكون علي ما يرام ، تمر المدة المقررة ويذهب في ارتياب ويكرر له صاحب الفرن أن البطاقة لا تعمل وأنه لا يمكن صرف العيش له، فيجري إلي مكتب التموين مرة أخري ليقف في طوابيره للسؤال عن كيف ولماذا لا يعمل الكارت ، فتكون الإجابة في منتهي البساطة أعمل بدل تالف و «أنا بجيب لك من الآخر»، فيرد المواطن كيف وأنا مستلم البطاقة من أمس ولم أفعل ما يتلفها؟!

فيرد موظف مكتب التموين خلاص أذهب الي المديرية  فيأخذ نفسه ويهرول إلي هناك ليجد أمثاله من الرجال والنساء في طوابير أضخم وأكبر مما كانت علي المخابز نفسها ويحشر نفسه ضمن المحشورين ليصل إلي شباك النجاة ويسلم هذه البطاقة إلي يد في شباك تستلم وتنادي علي أسماء الفائزين بإصلاح العطل الفني في هذا الكارت وقد وصل وسلم بطاقته بحمد الله وانتظر وسمع اسمه ليستلم بطاقته بعد فترة طويلة من الزمن وسأل في إرتياب «كده خلاص ؟» وإذ بالموظف يقول له: « روح الوزارة إنت مش عندنا  «!».

يالها من صدمة لكن قال المواطن في قراره نفسه أكيد الوزارة هي نهاية المطاف ويذهب إلي هناك ليجد طوابير كثيرة وأصوات عالية لإخوانه من المواطنين مثله ويعيد الكرة ويحشر نفسه مع المحشورين ويسلم البطاقة وينتظر الفرج الأخير، ويسمع من الواقفين حواديت لها العجب، منها مواطن يشكو أنه يصرف بهذه البطاقة مرة وتتعطل ويأتي ليلف كعب داير الرحلة من أولها، ومنهم من يأتي إلي الوزارة لمدة ثلاثة أشهر ولم تحل مشكلته، والأدهي والأمر أنه سمع الموظف يقول لسيدة فاض بها الكيل وأقسم لها أنه ينشط البطاقة وهو يعرف بنسبه 90 % أنها لن تعمل وأن هذه السيدة سترجع له مرة أخري ! ،

والصدمة الكبري عندما نادي عليه الموظف الموجود ليقول له أن « السيستم» الموجود عنده لا تدخل بطاقته في نطاقه وأشار إليه أن يرجع إلي المديرية مرة أخري وندم هذا المواطن ندماً شديداً أنه لم يستجيب للموظف الأول واستخرج بدل تالف مع المخاطرة بالزمن الذي يمر عليه دون أن يحصل علي رغيف عيش من الدولة له ولأولاده،

 هذه القصة يا معالي وزير التموين تحدث كل يوم أمام مكاتب ومديريات التموين وفي مقر وزارتك ولم تنته بعد، إذا كان مكتوباً علينا الوقوف في الطوابير فلنقف لكن بفائدة علي الأقل  سيحصل المواطن علي ثمرة تعبه ويأخذ رغيف عيش ، أما وإن كانت هذه البطاقات عذاب لبعض المواطنين فأرجو أن تحل هذه المشكلة وتعرف ونعرف معك لماذا تتلف البطاقات الذكية قبل أن تعمل

وفي النهاية ليس ذنب المواطن أن هناك عيباً في «السيستم» الخاص بهذه البطاقات فهو لن يصبر ولن يستطيع أن يحتمل أن تتوقف حياته ويعيش في حالة صلاح «السيستم» أو تعطيله أو فساده أو وجود خطأ في هذا النظام ، ليدخل المواطن رحلة عذاب من أجل الحصول علي رغيف عيش لا تنتهى.

[email protected] .com