رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

 

 

لم نقرأ دراسة لعالم اجتماع ولا لمركز أبحاث ولا لكلية علوم اجتماعية تتناول المتغيرات الهائلة التى مر بها الشعب المصرى، اجتماعيًا واقتصاديًا منذ بدء العهد الجديد فى عام ٢٠١٣ وحتى اليوم. مياه كثيرة جرت تحت الجسور.. الاحلام تغيرت.. التوظيف.. الزواج.. الطلاق.. حتى التدين.. الفتاوى.. التفسير.. نحن أمام عصر جديد.. ايقاعه يسبق افكاره أو يسحقها.. وربما يبتكرها!

اجيال سبقت كانت تحلم بالوظيفة «الميرى».. والشقة والعروسة والعربية. كانت هذه هى أحلام الشباب على الترتيب. تغيرت الأولويات اليوم.. يأتى الزواج فى مرتبة متأخرة. وربما بسبب شيوع أنواع لم تكن مقبولة فى السابق: العرفى والمسيار وببصمة الدم الخ، لكن حلم الوظيفة والشقة لم يتغير، والشباب الذين مازالوا يحلمون بتكوين أسرة، خاصة من أبناء الريف لايزالون قابضين على الحلم الكلاسيكى القديم، الذى لم يتغير بفعل العادات والتقاليد.. ولم تؤثر فيهم الأنماط الأخرى من الشباب الذين صادفوهم فى الجامعة. مازالوا يحلمون بالأسرة، بالبيت الآمن، بالاطفال، ولاتزال اسرهم تتدخل فى اختيارهم، وتسعى للانتقاء لهم من بيوت ترى أنها تتمتع بالحسب والنسب.. مفهوم الحب والجمال ليس مما تعنى به العائلات. الغريب أن ما كان مفروضا أن يتغير لم يطله التغيير! تكاليف الزواج وارتفاع المهور وأساليب تأثيث الشقة، لم يطرأ على أفكار الشباب -ولا أسرهم- تغيير إيجابى.. فالمغالاة فى المهور تتصاعد.. وفكرة تأثيث الشقة لم تخضع للترشيد استجابة لتحديات المتغيرات الاقتصادية العنيفة.. بل الملاحظ أن الأسر أخذت تتفنن فى زيادة أعبائها! ربما رأت فى اظهار البذخ الشديد وجاهة ومكانة وحسبًا! غير القادرات على تجهيز بناتهن بما يتصورن أن من دونه لا تكتمل فرحتهن ببناتهن.. يورطن أنفسهن بالاقتراض، وعمل جمعيات بمبالغ ضخمة تعجزهن.. والأسوأ لجوؤهن إلى تجار يبيعونهن بالتقسيط بمقابل فائدة فادحة.. حتمًا يفضى عجزهن عن سدادها إلى سجنهن، وتنشأ كارثة الغارمات!

لم تتغير ثقافة شراء «الشبكة».. بل زادت المبالغات فى قيمتها (بنت خالة العروسة اشترت شبكة بالآلاف وبنتنا مش أقل منها!) من الصعب أن يبقى المجتمع على نفس تقاليده القديمة فى الزواج والمهور والشبكة، بينما أسعار الذهب منفلتة، والسلع والشقق وكلفة الحياة اليومية فى ازدياد.

من ذا الذى يساعد على تغيير الاتجاه الثقافى السائد عند الناس؟ من يخلصهم من عقدة التباهى والمقارنة «والفشخرة الكدابة»؟ من يساعدهم ليقوم الزواج كمؤسسة راسخة ولا ينعقد على أوراق الطلاق! كانت مراكز الأبحاث تساعد، والفنون والآداب تساعد.. والصحافة أيضا.. من انجاز الاخيرة مثلًا فى المساعدة استمرار طرح قضية خطورة ارتباط العرس بظاهرة «ضرب النار»، التى تسفر فى أغلب الاحوال عن تحول الفرح إلى مأتم.. مناقشة الصحافة للقضية مرارًا وتكرارًا ساهمت فى تخلى الكثيرين عن فكرة اطلاق الرصاص فى الأعراس كنوع من الابتهاج. السينما ناقشت أحلام الشباب المقبل على الزواج (فى الماضي) ونتذكر مثلا فيلم مثل «شقة وعروسة يا رب»، ناقش احلاما سادت سابقًا عند الشباب، الذى كان يفعل أى شىء ليحقق هذا الحلم! اليوم الأسر لا بد أن تعيد صياغة أفكار مؤسسة الزواج، وتواجه بمرونة الأزمات الناشئة حديثا بفعل انفلات اسعار الذهب.. وزيادة تكلفة بيت الزوجية بمعايير تهدم البيوت قبل أن تفتحها!