رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن


شهدت مصر أقدم القوانين الإدارية والتشريعية فى التاريخ، حيث قدمت للثقافات والحضارات الإنسانية الهائلة الشكل الأكثر تقدماً للحكم والإدارة. فوضعت الحضارة الفرعونية الأساس للحكم والإدارة، وعين الفرعون على رأس الدولة مسئولين حكوميين رفيعى المستوى وظل نظام الحكم القابل للتطبيق سارى المفعول منذ السلالة الثالثة والرابعة وكان ظهور الأحزاب السياسية فى مصر فى القرن التاسع عشر انعكاساً للتفاعلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مما أدى إلى إنشاء وتطوير المؤسسات الحديثة للإدارة الحكومية والمجتمع مثل البرلمان والنقابات.
فأول مجلس نيابى حقيقى فى العالم العربى ظهر فى مصر فى عام 1866، ويمتلك اختصاصات نيابية فعلية، يعرف «بمجلس شورى النواب». ولا يعنى ذلك أنه لم تكن هناك مجالس أخرى سابقة على هذا المجلس، غير أنها لم تكن سوى مجالس استشارية ذات صبغة إدارية، ولا تمتلك اختصاصات تشريعية أو رقابية، كما أن عضويتها كانت تتم بنظام التعيين. منها: الديوان العالم وقد أنشئ عام 1798 إبان الحملة الفرنسية على مصر والمجلس العالى الذى أنشأه محمد على باشا فى عام 1824، ومجلس المشورة أنشئ عام 1829.
أما عن مجلس شورى النواب فقد أنشأه الخديو إسماعيل والى مصر. ويعد البداية الحقيقية للحياة النيابية فى مصر وكان يتكون من 75 عضواً منتخبا من قبل أعيان المدن وعمد البلاد ومشايخها فى باقى المديريات، وكان الخديو رئيس المجلس.
ومع مرور الوقت ظهرت المطالبات الشعبية التى تنادى بإنشاء مجلس نيابى له صلاحيات تشريعية ورقابية أوسع، ويرجع السبب فى ذلك إلى انتشار أفكار التنوير على يد مجموعة من كبار المفكرين والكتاب، إلى جانب ظهور الصحف فى ذلك الوقت. وقد أثمرت هذه المطالبات عن إنشاء أول مجلس نظار (مجلس وزراء) فى مصر فى عام 1878، كما أعيد تشكيل البرلمان وتوسيع صلاحياته، وإن ظلت بعض النواحى المالية تخرج عن اختصاصاته، ثم أصبحت الأمور أكثر تطوراً، حينما تم إعداد اللائحة الأساسية الجديدة لمجلس شورى النواب فى عام 1879، والتى تضمنت زيادة عدد أعضائه إلى 120 عضواً، وتقرير مبدأ المسئولية الوزارية للحكومة، ومنح المجلس سلطات أكبر فى الأمور المالية، غير أن الخديو رفض هذه اللائحة وأصدر أمرا بحل المجلس فى مارس 1879، ولكن المجلس ظل - رغم ذلك - يعقد جلساته حتى انتهاء دور الانعقاد فى يونيو 1879.
وقد استمر نضال أعضاء مجلس شورى النواب فى سبيل توسيع سلطات المجلس حتى قامت الثورة العرابية فى شهر سبتمبر من عام 1881، حيث تم وضع قانون جديد للبرلمان يمنحه سلطات أوسع، كما يتيح لفئات جديدة من المواطنين حق التصويت والترشح، ولكنها لم تعتمد نظام الاقتراح المباشر على درجة واحدة، حيث قرر أن ينتخب كل 100 شخص بمن لهم حق التصويت - مندوباً عنهم، كما تمت زيادة عدد أعضاد المجلس إلى 125 عضواً.
وفى عام 1882، أنشئ مجلس شورى القوانين بعد احتلال إنجلترا لمصر، حينما ألغى دستور الثورة العرابية، وحل مكانه القانون النظامى فى سنة 1883، الذى ألغى مجلس شورى النواب، واستبدله بمجلسين هما مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية.
وفى عام 1913 أنشأ الخديو عباس حلمى الثانى والى مصر، الجمعية التشريعية بديلاً عن مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية، وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى قامت ثورة 1919، والتى تمخضت عن دستور 1923 والذى ألغى الجمعية التشريعية وأحل محلها مجلسين هما «مجلس النواب» و«مجلس الشيوخ» ويعتبر هذا البرلمان أول برلمان له سلطات حقيقية، فيما يتعلق بإدارة الدولة. كما شهدت الانتخابات ظهور الأحزاب لأول مرة، فكان كل مرشح ينسب نفسه إلى حزب من الأحزاب القائمة، وقد شهدت أول انتخابات فى ظل الدستور الجديد اكتساحاً كبيراً لحزب الوفد وزعيمه سعد زغلول.
وقد تتابعت على مصر فى الفترة من عام 1923 وحتى عام 1925 عشر هيئات نيابية والتى لم يكمل منها مدته التشريعية إلا هيئة واحدة فقط، ويطلق لقب أقصر برلمان فى مصر على البرلمان الثانى، والذى عقد أولى جلساته، وآخرها فى يوم 23 مارس 1925. إذ تم انتخاب الزعيم سعد زغلول رئيساً للمجلس، وقام الملك أحمد فؤاد الأول بإصدار قرار بحل البرلمان فى نفس يوم انعقاده وبعد 8 ساعات فقط، ليصبح أقصر برلمان تشهده الحياة البرلمانية فى مصر حتى الآن.
ثم شهدت مصر تشكيل مجلس الأمة، وصدر بعد ذلك دستور 1971 الذى ظل سارياً إلى أن صدر إعلان دستورى عقب ثورة 25 يناير عام 2011.
وشهدت الحياة السياسية المصرية، طفرة من الحراك الشعبى أعقبتها عدة انتخابات تشريعية انتهت بإنشاء برلمان 30 يونيو الذى أعاد نظام الغرفة الواحدة، وبعد تعديل الدستور عام 2019 عاد مجلس الشيوخ، وأصبح البرلمان المصرى حالياً مكوناً من غرفتين وهما مجلسا النواب والشيوخ.