رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

أصبحت الثورة الصناعية الرابعة هى الظاهرة البارزة التى تهيمن على البيئة العالمية بعد أن جاءت لتطلق شرارة الجيل الرابع من العولمة، تلك العولمة التى يتعلق جوهرها الأساسى بانتشار المعلومات لتصبح متاحة للجميع، أو بتذويب الحدود بين الدول، أو بزيادة معدلات التشابة بين الجماعات والمجتمعات والمؤسسات، قد يؤدى جميع ما سبق إلى نتائج سلبية، وقد يؤدى ايضاً إلى نتائج ايجابية على بعض المجتمعات، لذا جاءت الثورة الصناعية الرابعة لتفرض المزيد من المتغيرات أمام دول العالم وخاصة على المستوى الاقتصادى، حيث أصبحت للثورة الصناعية تأثيرات على مستوى الإنتاج وأسواق المال والأعمال، إلى جانب التأثيرات العلمية والصحية، وبالنظر على الجانب الآخر نجد أنه بفضل القوة الهائلة للتكنولوجيا الرقمية سقطت الحواجز الصماء التى كانت تفصل بين البشر، وتحررت القدرات الإبداعية الكامنة لدى البشر، وأصبحت هذه القدرات تحت تصرف كل البشر، أى أن الثورة الصناعية هى الانقلاب الجذرى الذى يحدثه الإبداع التكنولوجى فى بيئة المجتمع، وهذا ما أكد عليه المؤتمر السادس للمنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام، الذى عقد مطلع هذا الأسبوع وشارك فيه نخبه من الباحثين ورجال الدولة، وحمل عنوان «تحديات الثورة الصناعية الرابعة.. وتطلعات المجتمع المدنى والمالى فى الجمهورية الجديدة» تحت شعار تحجيم الأزمات... تحقيق التوازنات، ومؤكدا أنه إذا كانت الثورة الصناعية الأولى عام 1780، قد أحرزت تغيرات فى مختلف جوانب الحياة، تجلت فى التعليم، والعمل، والذهنيات، والعقليات، وشمل ذلك وسائل الإنتاج بصورة كبيرة، وإذا كانت الثورة الصناعية الثانية عام 1870، التى تأسست على إنجازات فاراداى، وماكسويل، واديسون فى توليد الكهرباء مما كان له الدور الكبير فى تشكيل خطوط التجميع، لتهيمن على العديد من الصناعات، خاصة فى الدول الكبرى، وخلق مبدأ الإنتاج الكبير ليحدث ذلك الطفرة الاقتصادية والفجوة المهولة بين الدول، الثورتين الأولى والثانية احدثتا تغيرات جوهرية فى منظومة الوجود والحياة فى المجتمعات الإنسانية، ولكن الثورة الصناعية الثالثة عام 1959، المعروفة باكتشاف العصر الإلكترونى نظراً لاكتشاف الترانزستور الذى أعطانا الكمبيوتر والإنترنت، هى الثورة المعروفة بالثورة الرقمية وتكنولوجيا المعلومات، لأنها أضافت الطابع الرقمى على مختلف مظاهر الحياة الاقتصادية والعلمية، ولكن الثورة الصناعية الرابعة التى انطلقت مع بداية الالفية الثالثة، وتحديداً من المانيا، قامت على منصة الاندماج الثورى لمجموعة هائلة من الاكتشافات العبقرية فى مختلف المجالات، لا سيما مجالى التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعى، حيث تندمج التقنيات الذكية لتتلاشى فيها الخطوط الفاصلة، والحدود القائمة بين ما هو رقمى، وتكنولوجى، وفيزيائى، وبيولوجى، وهى الثورة التى ستغير بلا شك الطريقة التى نحيا بها ونعمل، هذا المؤتمر العلمى والاقتصادى أكد أنه يجب ان نساير هذا التناغم لنساير نموذج جديد فارق فى تاريخ الحضارة الإنسانية، حيث تختفى فيه مختلف عناصر الصناعة التقليدية خلال الثورات الصناعية الثلاثة السابقة، كما ستختفى معه أيضاً معظم مظاهر الحياة الاجتماعية والعلمية التى عرفتها البشرية سابقاً، ليعطى الضوء نحو الانطلاق إلى عالم جديد، وإذا كانت الفرص التى أتاحها اكتشاف البخار والكهرباء والترانزيستور والذكاء الاصطناعى أمر يفوق الخيال، فإن معرفه التحديات تتطلب جهداً وعلما فى مستوى التحليل والتفكير، خاصة وأن هذه التحديات تتعلق بالتحديات الإلكترونية وإرتفاع منسوب الهجمات عبر الإنترنت، وهذا التحدى جاء فى مقدمه تقرير المخاطر العالمية بعد 2018، كذلك يوجد تحديات الذكاء الاصطناعى التى تتمثل فى منظومة البرمجيات التى ستمكن الآلات من التفكير والتقرير دون تدخل البشر، وهو ما يعنى ماذا سيبقى للبشر بعد ذلك؟ كذلك فإن التحديات الاقتصادية قد ظهرت على السطح، تحديداً بعد الأزمات العالمية المتتالية والمتسارعة خاصه بعد جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، التى كلفت العالم الكثير من تريليونات الدولارات، وبالتالى يجب الا يتم خداع الجيل القادم بالحديث عن الرفاهية، دون القضاء أولا على التفاوت بين الثروات، والتفاوت فى التكنولوجيا بين دول العالم، كذلك ظهر مؤخرا التحديات الجيوسياسية لتعلن عن عالم متعدد الأقطاب، ملىء بالصراعات وهو ما يمثل الضرر الكبير على مسيرة التنمية العالمية، ويبقى التحدى الأعظم، وهو التحديات البيئية والمستقبلية، وهى مصدر قلق يهدد الحياة والإنسانية، وهو ما تناوله مؤتمر مصر للمناخ فى شرم الشيخ cob27. نحن الآن بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد والعلم للتغلب على هذه التحديات حتى تتحرر القدرات الإبداعية وطريقة الحياة والعمل.


رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام