رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

 

 

فى الذكرى المئوية للدكتور بطرس غالى، التى تصادف الرابع عشر من نوفمبر الجارى، استدعيه كأكاديمى مبهر وسياسى مبدع وقانونى رائع، ووطنى أصيل. عرفته منذ أن تم تنصيبه وزير دولة للشئون الخارجية عام 1977، حيث كنت أعمل مراسلة لهيئة الإذاعة البريطانية. لتتوثق علاقتى به وتستمر حتى وافته المنية فى 16 فبراير 2016، وكان لى السبق دائماً فى إجراء العديد من اللقاءات الصحفية. فيض من الذكريات التى لا يمكن أن تغيب عن سياسى قدير فريد من نوعه، علمه بالغ التنوع، يجمع بين الأكاديمى الموسوعى والسياسى العملى. أسرنى بعلمه الغزير وتواضعه الجم. اعتدت أن أهاتفه فى السابعة صباحاً وهو لم يبرح منزله بعد. ورغم ذلك لم يشعرنى بأن مكالمتى تسبب له أى إزعاج. على العكس كان يرحب بى، وعندئذ كنت أسرد عليه ما يجرى فى الساحة الدولية من أخبار. وكانت هذه وسيلتى كى أكسب ثقته على أمل أن أحصل على تعقيب منه لتحقيق سبق صحفى. كان يستمع لى بإمعان ثم يردف ضاحكاً: «وماذا تريدين بعد هذه الديباجة؟».  وعندها أدرك أنه فطن إلى حيلتى لكى أفوز بتصريح منه بخصوص حدث سياسى مهم يحقق لى سبقاً صحفياً. ولم يحدث أن بخل على بما أريد.

ذكراه تستدعى تاريخه المشرف فى مسيرته الأكاديمية والدبلوماسية، فهو أول عربى وأفريقى يشغل منصف الأمين العام للأمم المتحدة، ومنصب الأمين العام للمنظمة الفرانكفونية. كانت له بصماته المضيئة فى الكثير من العلاقات الدولية بكفاءته وعلمه ودبلوماسيته المحنكة. تميز بحرفية الأداء وصدق المنهج. لم يكن المنصب يثنيه عن أن ينطق بالحقيقة حتى لو قادت إلى فقدانه للمنصب. وهذا ما فعله مع الأمم المتحدة ومع المنظمة الفرانكفونية. غير أن مصداقيته وتشبثه بالحق انعكس بالسلب عليه، وذلك عندما أدى تمسكه بالمبدأ إلى حرمانه من التجديد له فى كلتا المنظمتين الأمم المتحدة والفرانكفونية.

إنه العظيم الذى أرسى مفهوماً نموذجياً باستحداث عملية إصلاح إدارى لمنظومة الأمم المتحدة، وقام بإرساء نظام دولى على أساس صلب يستمد قوته من شرعية عالمية وليس من مصالح القوى الكبرى المهيمنة، وبذلك عمد إلى بلورة شرعية دولية قوية وعادلة. ولكن للأسف عندما سعى إلى استقلالية الأمم المتحدة واستقلالية أمينها العام وقع التصادم بينه وبين الهيمنة الطاغية من قبل أمريكا الدولة الأحادية القطبية، حيث كانت القوة الوحيدة المتفردة بالنظام العالمى وقتئذ. بيد أن الدكتور غالى قاوم ذلك، وجسد هذا بمواقفه حيال مختلف القضايا الدولية التى تفجرت وفرضت نفسها على الواقع الدولى كالصومال والبوسنة والعدوان الإسرائيلى على جنوب لبنان وقتئذ وغيرها من القضايا التى كان لابد للأمين العام أن يدافع فيها عن دور المنظمة الدولية، وعن قرارها المستقل بعيداً عن التدخلات والمصالح الأمريكية الخاصة. ومن ثم بدأت المواجهة بينه وبين أمريكا التى عارضت إعادة ترشيحه لفترة ولاية ثانية كأمين عام للأمم المتحدة. وجاء ذلك بعدما أصر الدكتور غالى على أن يعرض على المنظمة الدولية تقرير ممثله ومستشاره العسكرى فى لبنان عن أحداث «مذبحة قانا» إبان العدوان الإسرائيلى على لبنان وقتئذ، والتى راح ضحيتها 106 مدنيين لبنانيين وعشرات المصابين، وهى المذبحة التى هزت المجتمع الدولى. يومها صمم الدكتور غالى على نشر التقرير وأبى على نفسه أن يكون فى وضع الموظف التابع للإدارة الأمريكية.

 وللحديث بقية...