رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

لو كان للمقال عنوانان لاخترت أن يكونا: «الانتخابات الأولى»، أو «وزارة الشعب» فمن حيث العنوان الأول، فإن انتخابات مجلس النواب عام 1924 هى الأولى فى المفاجآت.. هى الأولى فى النزاهة.. كذلك هى الأولى فى نسبة الحضور، لقى فى هذه الانتخابات يحيى باشا إبراهيم رئيس وزراء مصر فى ذلك الوقت ووزير الداخلية فى نفس الوقت هزيمة ثقيلة على يد منافسه فلاح شاب وقوى رشحه سعد باشا زغلول أمام رئيس الوزراء يدعى أحمد مرعى فى دائرة منيا القمح بالشرقية، رغم أن يحيى باشا إبراهيم من بنى سويف، ولكنه اختار دائرة منيا القمح للترشح فيها. فى هذه الانتخابات كانت شعبية الوفد كاسحة بقيادة سعد زغلول الذى كان يتمتع بكاريزما مكنته من قيادة الجماهير، وكان يحيى باشا إبراهيم رجل دولة يبعد عن قطاعات الجماهير كموظف ينفذ القوانين بدرجة رئيس وزراء، وحصد حزب الوفد فى هذه الانتخابات الأغلبية البرلمانية بـ195 مقعداً فى مجلس النواب أمام حزب الأحرار الدستوريين والحزب الوطنى بقيادة مصطفى كامل.

كانت الانتخابات قد أجريت فى أجواء تاريخية نزيهة بعد ثورة 1919، حيث أصدرت بريطانيا، تصريح 28 فبراير الذى يعطى استقلالاً نسبياً لمصر، وصدور دستور 1923 وهو أول دستور يتم تفعيله فى تاريخ مصر، وينص على إقامة حياة نيابية فى مصر يشارك فيها الشعب حكم البلاد من خلال مجلس نيابى يختار الشعب أعضاءه، ويقوم الحزب الذى يحصل على أغلبية المقاعد بتشكيل الحكومة، كان مجلس النواب يتكون من 264 عضواً بطريقة الانتخاب العام، ومجلس الشيوخ فى 147 عضواً منهم 28 بالتعيين.

بعد الانتخابات تقدم يحيى باشا إبراهيم باستقالته إلى الملك من رئاسة مجلس الوزراء وتولى سعد باشا زغلول رئاسة الوزراء، وكان أول رئيس وزراء مصرى من أصول ريفية وسميت وزارته بـ«وزارة الشعب».

وقام «سعد» بإلقاء خطاب العرش نيابة عن الملك أمام مجلس النواب الذى تم افتتاحه فى 15 مارس 1924. كما قام بعرض برنامج الوزارة الوفدية، وكان «سعد» يهدف إلى التخلص من التحفظات الأربعة فى تصريح 28 فبراير الذى أصدرته بريطانيا ويعطى استقلالاً نسبياً لمصر، وكان يعوق الاستقلال التام.

وتلخصت مطالب «سعد» فى خطابه فى الاستقلال التام بجلاء القوات الإنجليزية عن البلاد، وقيام مصر بمسئوليتها فى حماية قناة السويس، وحرية الحكومة المصرية فى وضع سياستها الخارجية، وأن تتولى شئون الأقليات والأجانب، لكن الحكومة البريطانية رفضت هذه المطالب، وناصبت «سعداً» العداء، وجاءت الفرصة لبريطانيا عندما قام أحد المصريين وبدافع الوطنية باعتقال سردار الجيش المصرى فى السودان سيرى ستاك وهو فى القاهرة، فاستغلت الحكومة البريطانية هذا الحادث، ووجه لورد «اللبنى» إنذاراً لوزارة سعد يطالب فيه الحكومة المصرية بأن تقدم اعتذاراً عن هذه الجريمة، وتقديم مرتكبيها والمحرضين للمحاكمة، وأن تقدم تعويضاً مقدار نصف مليون جنيه استرلينى للحكومة البريطانية، وأن تسحب القوات المصرية من السودان، وكان الإنجليز يهدفون من هذا الإنذار إبعاد مصر عن السودان لتنفرد به بريطانيا، ورفض سعد طلب الانسحاب من السودان، فقامت القوات الإنجليزية بإجلاء وحدات الجيش المصرى بالقوة، فتقدم سعد باستقالته من رئاسة الوزراء.

بعد استقالة «سعد» قام الملك بحل البرلمان، لكن نواب البرلمان اجتمعوا خارج البرلمان وقرروا التمسك بسعد زغلول فى رئاسة الوزراء، وقامت الحكومة البريطانية بإرسال قطع بحرية قبالة شواطئ الإسكندرية فى عملية تهديدية، فأصر سعد زغلول على الاستقالة من رئاسة الوزراء حتى لا يعرض مصر لنكبة.