رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

 

الشكاوى التى تتوالى فى الفترة الأخيرة من مستثمرى القطاع الصناعى خاصة من ذوى الحجم المتوسط حول تضررهم من تعنت البيروقراطية وفساد بعض جوانب الجهاز الإدارى وجمود القوانين وعدم قدرة القائمين على تنفيذ هذه القوانين على التفرقة بين مستثمر صناعى كبير وآخر صغير أو متوسط الحجم يسعى إلى شق طريقه الإنتاجى ودخول السوق عبر مسار آمن.

هذه الشكاوى تضع يدنا على إحدى أبرز المشكلات التى يعانى منها الاقتصاد المصرى فى السنوات الأخيرة، وهى مشكلات تتعلق بتفضيلات السياسات الاقتصادية العامة التى تحابى وتنحاز لبعض القطاعات على حساب قطاعات أخرى أكثر أهمية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وانعكاساتها على قضايا التشغيل والفقر والبطالة وانخفاض النمو.

خذ مثالاً لذلك المقارنة بين قطاعى الصناعة والاستثمار العقارى، سوف تكتشف على الفور المزايا الهائلة التى يتمتع بها الاستثمار العقارى عالى الربحية قليل المخاطر فى مواجهة عملية إنشاء مصنع ودخوله حيز الإنتاج،

هذا الانحياز للقطاع العقاري- وهو قطاع خدمى بالدرجة الاولى، أى لا ينتج سلعاً يمكن تصديرها للخارج- لا يتمثل فقط فى التسهيلات الإدارية وسرعة الحصول على الموافقات، بل يمتد ليصل إلى سهولة الحصول على تمويل بنكى وإمكانية العمل بأموال العملاء الذين يشترون الوحدات على الماكيت، وينتظرون سنوات قبل تسلمها.

أما عملية إنشاء مصنع فتتطلب الكثير من الجهد والمال والمخاطرة والتعامل مع عشرات الجهات الحكومية والرسوم المرتفعة وغير المبررة فى بعض الأحيان وبعد الإنتاج قد يجد صاحب المصنع نفسه فى مواجهة منافسة غير مشروعة وغير متكافئة مع المنتجات المثيلة المستوردة أو المهربة

ولا يخفى على أحد أن السنوات الأخيرة شهدت ضخ مئات المليارات من الجنيهات فى المشروعات العقارية المتنوعة مقابل تراجع الاستثمار الصناعى، حيث تشير الأرقام إلى أن مبيعات أكبر عشرين مطوراً عقارياً بلغت ١٢٢ مليار جنيه فى غضون النصف الأول من العام الحالى فقط، الأمر الذى يؤشر على ازدهار هذا القطاع وحصول العاملين به على أرباح لا تتناسب مطلقاً مع المخاطر المنخفضة به ما يضرب قانون عائد المخاطرة فى مقتل.

نحن لا ندعو لوقف أو تقييد التيسيرات الممنوحة للاستثمار العقارى لكن على الأقل المطلوب التعامل مع الصناعة بنفس هذه الروح بعد أن أثبتت التجارب أن نجاة أى شعب لن تتحقق إلا بالتوسع فى الإنتاج الزراعى والتركيز على التصنيع لأن الإفراط فى تدليل القطاع العقارى يدفع أصحاب الأموال إلى استثمار أموالهم فى هذا القطاع المربح، ويمتنعون عن خوض غمار التصنيع الذى هو أبقى وأنفع للناس والبلد،

هنا تقع المسئولية كاملة على عاتق الدولة، لأنها هى من تخطط للاقتصاد وتضع السياسات العامة التى يجب أن تكون متفهمة لطبيعة الصناعة. سياسات تقف إلى جانب المنتجين الحقيقيين لا إلى جانب المضاربين أصحاب الأموال والاستثمارات الساخنة لأن بناء فيلا قد يتيح بعض فرص العمل لبعض الوقت، بينما بناء مصنع يتيح مئات من فرص العمل طوال الوقت،

يجب أن تتوقف سياسة الفيلا بديلاً للمصنع.

[email protected]