عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

«أنظار العالم على إيران» تلك هى الرؤية التى تعبر عن موقف الولايات المتحدة إزاء الاضطرابات الجارية فى الفترة الأخيرة هناك، وهى الاضطرابات التى استدعت من الاتحاد الأوروبى وبريطانيا فرض عقوبات على أكثر من ٣٠ من كبار المسئولين والمؤسسات الإيرانية بسبب ما وصفوه بحملة القمع، الإجراء الذى أشادت به واشنطن.

يعكس هذا الطرح تصورًا ربما يكون مفاده بعيدا عن تفاصيل الأوضاع المضطربة فى إيران أن أنظار القوى الرئيسية فى النظام الدولى بالفعل تتركز على إيران ليس بمنطق مراقبة الأوضاع فيها وإنما بمنطق المشاركة فى صنعها.

بغض النظر عن طبيعة النظام فى إيران والتحفظات التى يمكن أن نوردها نحن كشرق أوسطيين عليه باعتبار أن أبناء المنطقة كمسلمين أو حتى غير مسلمين كلهم فى الهم شرق، ولنا الحق فى طرح مثل هذه التحفظات، بدون حساسية، فإن المرء يصعب عليه تمرير فكرة أن أحداث إيران تجرى بفعل موقد داخلى، وإنما هناك من يشعلها خاصة فى ظل السياسات الإيرانية التى تمثل مناكفة للقوى الأوروبية بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص، وهو ما يصب فى النهاية فى صالح إسرائيل ومن أجلها.

تبدو إيران فى منظور الغرب وبعد أكثر من أربعة عقود على ثورتها على الشاه، عصية على الانصياع، سعيًا لتحقيق مصلحتها الخاصة، ومن هنا يبدو الحماس لدعم أى اضطرابات داخلية بها ربما تساهم فى تقويض النظام الحاكم هناك بشكل أو بآخر. ورغم التحفظ الذى يحيط بالسياسة الإيرانية مع محيطها الإقليمى على خلفية دعم الاتجاهات المتشددة، وهى السياسة التى تزيد من حجم القلاقل بالمنطقة، إلا أن الواقع يشير إلى تراجع مساحة هذا التحفظ فى ضوء انشغال إيران وانكفائها على مشاكلها الداخلية، ما يعنى أن تأثير الجوار ربما يكون بالغ المحدودية على صعيد الداخل الإيرانى.

بالطبع من حق المواطن الإيرانى أن يحتج لما يراه أوضاعا غير مواتية لكن أن تأتى الاحتجاجات إحياءً لذكرى مرور ثلاثة أعوام على ما يسمى بـ«انتفاضة الوقود»، فهذا ربما يشير إلى أن الأمر وراءه مآرب أخرى، وهو ما انعكس فى مزيد من التصعيد إثر مقتل شابة تردد أنها لقيت حتفها بعد أيام من احتجازها على يد شرطة الأخلاق لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارم على الإيرانيات.

من الممكن النظر لتطورات الأحداث فى إيران من عدة زوايا، غير أننا هنا نشير إلى بعد يتعلق بطبيعة العلاقات الصراعية على صعيد النظام الدولى، حيث تسعى الولايات المتحدة، فى ظل مخاوفها من بروز أقطاب أخرى تنافسها على زعامة العالم، إلى مواجهة الأنظمة التى تراها خارجة على السيطرة، سواء كانت دولية أم إقليمية، وهو ما يبدو مثلا فى صراعها مع روسيا الذى يتخذ فى أحد مظاهره صراعًا بالوكالة من خلال الحرب فى اوكرانيا، وكذلك الصراع مع الصين من خلال نموذج شبيه هو تايوان. فى سياق هذه الرؤية تأتى محاولة تطويع إيران كقوة إقليمية على خلفيات عدة من بينها سعى طهران لامتلاك زمام مشروع نووى يثير مخاوف الغرب عامة وإسرائيل بشكل خاص وهو ما عبر عنه نتنياهو مؤخرا تأكيدا لسياسة إسرائيل فى هذا الصدد والتى لا تختلف بتغير القيادة.

ربما يبدو هذا التناول قاصرًا على التعاطى مع زاوية واحدة من الأزمة، وهى الأوضاع فى إيران منظورًا إليها من جهة تفاعل الخارج معها، غير أنها الزاوية التى تهمنا فى إطار فهم مجريات ما يدور على مستوى النظام الدولى.. الفهم الذى قد يجلى الكثير من الأوهام بشأن علاقات الصداقة والخصومة.. وأن السياسة ليس بها صداقات دائمة أو خصومات دائمة، وإنما هى تعكس المصالح وكفى!

[email protected]