رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

ترتكز الأفكار والممارسات الخاصة بأدوار الدولة والسوق على تحديد إشكالية التوازن بين الكفاءة من الجانب والعدل من جانب آخر، حيث أكدت التجارب الدولية أن الأسواق لا يمكن بمفردها أن تحقق الكفاءة الاقتصادية دون تدخل حكومى مناسب يعمل على ضبط إيقاع المعاملات والأنشطة وهو بخلاف معتقدات السوق. ولا يخفى علينا أن الإخفاقات والأزمات الاقتصادية العالمية المتلاحقة قد أحدثت فراغاً اقتصادياً مملوءاً بالفوضى والنزاعات السياسية، ونزعات اقتصادية واجتماعية متناقضة وهو ما عبرت عنه رئيسة صندوق النقد الدولى مؤخراً من أن الاقتصاد العالمى على مشارف تحقيق ركود اقتصادى قد يصل إلى حافة الكساد، وهو الأكبر منذ أكثر من قرن، وأن الوضع الاقتصادى يختلف الآن عما كان بين الحربين العالمتين لأنه أكثر تأثيراً. إذ يواجه العالم الآن أربع أزمات متزامنة الواحدة منها تكفى لإحداث كساد عالمى كبير، فما بالنا بأربع أزمات وهى التضخم، الطاقة، الغذاء، وأخيراً أزمة المناخ، ما نؤكد الآن أن ما يعيشه العالم الآن عبر هذا الوضع الاقتصادى لا يشير إلى ركود ولكن يشير إلى حالة من الكساد استناداً إلى أنه لم يتم التعافى حتى الآن من تداعيات جائحة كورونا، كذلك هناك ارتفاع مستمر وغير طبيعى فى معدلات التضخم على مستوى العالم، إضافة إلى حاله التشديد الكبيرة للبنوك المركزية فيما يتعلق بالسياسات النقدية عبر رفع الفائدة، نضيف إلى ذلك أن الأزمة الروسية الأوكرانية زادت من احتمال وجود أزمة طاقة مستقبلاً. وقد يكون هناك تضرر كبير لاقتصاديات الدول النامية تحديداً، وهو ما قد نحتاج معه إلى مقالات أخرى، لكن يمكن القول إن وجود استراتيجية تتعامل مع التنمية المستدامة يجب أن تكون موجهة نحو مجموعة من المبادئ أهمها: ضرورة إحداث التوازن بين الريف والحضر، وإحداث توازن بين الطبيعة (البيئة) والفردية، كذلك إيجاد التوازن بين المناطق الداخلية والساحلية، فضلاً عن ضرورة تحقيق التوازن بين المحلى والعالمى، ويكون الترجيح لكفة العنصر الأول عند الضرورة فى مرحلة اتخاذ القرار، ولتفعيل ذلك يجب وضع استراتيجية تمكن السياسة النقدية من وضع القيود على حركة دخول وخروج الأموال، خاصة فى ظل الحركة السريعة للاستثمار غير المباشر، وهو ما تبنته ماليزيا عام ١٩٩١ وكان سبباً فى تجاوز ماليزيا محنة وأزمة دول جنوب شرق آسيا عام 1997، قبل غيرها من الدول، والنتيجة هى أن قفزت ماليزيا إلى المركز الرابع فى خريطة التنافسية الدولية عكس دولة نيوزلندا التى قامت ببيع الصناعات الوطنية للأجانب، وخروج الأموال المباشرة من الداخل إلى الخارج وهو ما أدى إلى انخفاض مستوى المعيشه لمدة 15 سنة متتالية مع ارتفاع معدلات البطالة بصورة غير مسبوقة، بالاضافة إلى تدفق هجرة الشباب، وانخفاض شريحة الطبقة المتوسطة، ولكن نيوزلندا بعد ذلك أعلنت عن عودة دور الدولة لضبط إيقاع المعاملات والأنشطة، وضبط السوق، وأعلنت أن الاقتصاد ما هو إلا خادم للمجتمع وليس هدفاً له، ما نؤكد عليه أن النمو الاقتصادى ليس هدفاً فى حد ذاته ولكنه وسيلة لزيادة فرص العمل وتقليل لمعدلات الفقر ورفع مستوى المعيشة وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية التى هى أساس حقيقى لقيام الدولة التنموية. إن النجاح المصرى فى ظل الإصلاح الاقتصادى الأول كان عنوانه تحقيق التوازن بين الدولة والسوق، فالنجاح الاقتصادى يتطلب تحقيق التوازن الصحيح بين الحكومة والسوق، أى تحديد الخدمات الواجب تقديمها من الحكومة، والقطاعات المطلوب تدعيمها، وقواعد الحماية للعاملين والمستهلكين والبيئة، مع عدم إغفال عنصر العدالة الاجتماعية ومشاكل الرأسمالية المزمنة مثل المنافسة المنتقصة، والمعلومات غير المتكاملة، التى تزايدت بالطبع فى ظل زيادة حالة عدم اليقين التى تزداد فى ظل الأزمة الروسية الأوكرانية التى قاربت على نهايتها كأزمة وبدايتها كحرب، عقب مجموعة التفجيرات الأخيرة. الدولة المصرية بعد 2016 وتزامناً مع بداية الإصلاح الاقتصادى الأول سارعت إلى تحديد الخدمات التى يجب تقديمها للسوق عبر تدعيم بنيتها التحتية بإنفاق أكثر من 400 مليار دولار حتى تكون مواتية لجذب الاستثمارات، وهنا يجب أن نشيد بالقدرة التنبؤية للقيادة السياسية وقدرتها على استنباط أن الوضع الاقتصادى والسياسى العالمى لن يستمر طويلاً بهذا الشكل فى ظل عالم أحادى القطب، فلا بد من إحداث توازن، وإعادة بناء نظام عالمى جديد وهو ما يحدث مؤخراً، كذلك قامت الدولة بتحديد مجموعة قطاعات وعلى رأسها قطاع الصناعة الذى يرعاه السيد الرئيس عبر مبادرة توطين الصناعة الذى سوف يكون أحد أهم الركائز الأساسية للمؤتمر الاقتصادى المصرى يوم ٢٣ أكتوبر الحالى، كما قامت الدولة بوضع مجموعة من القواعد الخاصة بالبيئة تزامناً مع انعقاد مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ نوفمبر المقبل، كما لم تغفل الدولة تحقيقها لعنصر العدالة الاجتماعية عبر مشروع مصرى أشادت به الأمم المتحدة بوضعه على منصتها الأساسية وهو مشروع حياة كريمة بتكلفة استثمارية لا تقل عن تريليون جنيه للنهوض بالمجتمع المصرى وإحداث التوازن المنشود بين الريف والحضر، والمناطق الداخلية والساحلية والتوازن بين الطبيعة والفردية، وبالتالى كانت هناك ضرورة للتحول نحو الدولة التنموية وعبر الاهتمام بأهمية الإصلاح المحاسبى.

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام