رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا شك أن الظروف غير المستقرة التي تمر بها مصر وبلداننا العربية فى السنوات الأخيرة وبعد ما عرف بثورات الربيع العربي التي كان للشباب دور مهم ورائد فى تأجيجها واستمرار فاعلياتها، وبعد تضاؤل فرص لحاق الشباب بركب السلطة والحصول على مغانم ما بعد الثورة، بل وبعد أن اكتشف الكثير منهم الأوهام التي كانوا أسرى لها من قبل أؤلئك الكبار من المحرضين والممولين، أقول إن هذه الظروف وما آلت إليه الأحداث، تعد من الأسباب المباشرة لعودة الحلم الأمريكي وايقاظه فى أذهانهم الغضة التي لا تعرف عن الولايات المتحدة سوى أنها أغنى وأهم دولة فى العالم وأنه بمجرد أن يطأ قدم أي منهم فيها فستنفتح أمامه كل الفرص التى يحلم بها سواء جاء لمواصلة دراسته أو جاء بغرض البحث عن عمل أو البحث عن فرص جديدة للاستثمار!!

والحقيقة أن أحلام اليقظة التي تراودهم بين الحين والآخر عن الثراء والرخاء الذي ينتظرهم بمجرد الحصول على تأشيرة دخول الولايات المتحدة بأي سبب كان أو بأي وسيلة كانت ثم السفر إلى هناك، إلى أرض الأحلام، إنما هي أضغاث أحلام مزيفة لم يعد يقابلها من الواقع الحقيقي شيء!!

إن على هؤلاء الشباب غير الواعي والذي تداعبه أحلام الحياة الناعمة السلسة وأحلام الثراء السريع، عليهم أن يعلموا أن تلك البلد الذي يحلمون بأنه سيحقق لهم الأحلام هى صاحبة أكبر اقتصاد مدين في العالم، وأنها مجتمع يعاني من نسبة كبيرة من البطالة، ويكفى أن نعرف أن ثمة مليون أمريكي الآن يرزحون تحت وطأة الفقر المدقع، بعضهم مشرد فى الشوارع لا يجد المأوى ولا يرى بارقة أمل في حياة آمنة كريمة، كما أن بها خمسة ملايين من مدمني المخدرات معظمهم من الشباب، كما يتحرك على أراضيها مئات وربما آلاف العصابات المتناحرة التي تجوب شوارع مدنها الكبرى ليل نهار، وأن معدل القتل من جراء ذلك يصل إلى 704 من كل مائة ألف، وأنها تعاني من كثرة جرائم القتل واطلاق النار داخل المدارس، وأن بها 1٫6 مليون سجين، وأن حالات الاغتصاب المسجلة والموثقة للنساء بلغت 5 ملايين حالة سنويا، وأن العديد من ملايين الممارسات الجنسية تحدث بين صبية وبنات ليس بينهم أي علاقة حميمية، أضف إلى كل تلك الصور من الانحلال الأخلاقي والتفسخ الاجتماعي، أن هناك مليونين من الشباب على الأقل بين سن 14 و22 الذين يؤمنون بالقضاء والقدر ويرون أنه لا مستقبل لهم، وأن عليهم الانتحار إن عاجلا أم آجلا!!

ولعلنا نضيف إلى هذا وذاك أن أمريكا لاتزال دولة تمييز عنصري، إذ على الرغم من الصورة الوردية التي تصدرها عن نفسها باعتبارها بلد الحريات الأولى فى العالم وأنها المدافع الأعظم عن حقوق الإنسان عبر قارات العالم المختلفة، إلا أن الواقع أن فئات كثيرة فى المجتمع الأمريكي لاتزال تعاني من صور مختلفة من التمييز العنصري خاصة فى معاملات البنوك وفي أقسام البوليس والمحاكم وأعتقد أن خير شاهد على ذلك، تلك الأحداث الأخيرة التى شهدناها من الاعتداءات الوحشية لعناصر من البوليس الأمريكى على بعض المواطنين الزنوج!!

وتختلف الآراء والتحليلات حول تفسير تزايد موجات العداء ضد السود داخل الولايات المتحدة الأمريكية في الآونة الأخيرة، والتي تمثلت في كثير من الحوادث كان من أبرزها إطلاق رجل بوليس أبيض ست رصاصات على الشاب الأسود مايكل براون، وهو أعزل، في مدينة فيرجسون، مما أدى إلى مصرعه على الفور.

إن بعض الآراء ترى أن مظاهر العداء تجاه السود، هي مجرد حالات فردية لبعض رجال البوليس والمدنيين البيض، يرتكبونها بفعل الآثار المتبقية من ميراث العنصرية ضد السود. بينما يري البعض الآخر، أن التمييز والاضطهاد للسود، مازال يعشش في عقول عدد كبير من الأمريكيين البيض، بل الأسوأ، أنه آخذ في التزايد في الفترة الأخيرة.

وخروجًا من الاختلاف النظري، حاول الكاتب اﻹيطالي جوفاني ماورو البحث عن حقيقة وجود العنصرية ضد السود أو عدم وجودها، ومدي انتشارها بين البيض الأمريكيين، فقرر اللجوء إلى عدة مصادر أمريكية رسمية، وموثقة لمعرفة الحقيقة، منها مكتب الإحصاء الأمريكي، والمركز الفيدرالي لإحصاءات التعليم، ومكتب الولايات المتحدة لإحصاءات العدالة، والمركز الفيدرالي لإحصاءات العمل. وقد توصل إلى وجود عشر حقائق رقمية تفسر ما يعانيه السود من عنصرية، نعرضها – نقلا عنه - كما هي في الواقع:

الحقيقة الأولى .. انخفضت نسبة عدد السكان البيض في الولايات المتحدة الأمريكية من 80 % عام 1980 إلى 66 % عام 2008 . وفي المقابل ارتفعت نسبة السكان الإسبان (المهاجرين القادمين من أمريكا اللاتينية) من 6 % إلى 15% في نفس الفترة، بينما ظلت نسبة السكان السود ثابتة، تتراوح حول 12% من عدد سكان الولايات المتحدة .

الحقيقة الثانية.. من المتوقع أن يمثل الشباب البيض تحت سن 18 عامًا، الأقلية بين شباب أمريكا في سنة 2030. بينما سيصبح البيض كلهم، وبغض النظر عن أعمارهم، الأقلية في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في عام 2042. هاتان حقيقتان من عشر حقائق يرصدها هذا التقرير الرقمي المهم عن عنصرية المجتمع الأمريكي وسنكمل الحديث عنها في المقال القادم.