عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

لا صوت يعلو فوق استعدادات الأسر المصرية للعام الدراسى الجديد الذى سينطلق فى الأسبوع المقبل من الـ كى جى، حتى الجامعة. الأزمة الاقتصادية العالمية ما زالت لم تلق أوزارها، وأصبحت تطول أسعار كل شيء، ولم تنج منها المستلزمات المدرسية من الملابس، والحقائب، وأسعار الكتب، والمصروفات الدراسية التى تخضع لألوان الطيف المختلفة من مدارس دولية وخاصة وعامة وجامعات خاصة وأهلية، ما يخفف من حدة هذه الأزمة فى مصر التوسع فى مبادرة «كلنا معاً» فى جميع المحافظات لتوفير الأدوات المدرسية بأسعار مخفضة مراعاة لظروف الأسر الفقيرة من خلال المنافذ التى تفتتحها القوات المسلحة والشرطة.

لفتت نظرى إلى لهث الأسر المصرية وراء توفير احتياجات أبنائهم، منظر طفل صغير يحمل حقيبة مدرسية ضخمة فوق ظهره من خلال كتافات، الحقيبة تغطى كل جسده وتزيد عن عرض  ظهره، مما تسبب في تعثره وسقوطه على الأرض، هممت بمساعدته على الوقوف عندما شاهدت والدته تحاول تفادى بعض التكاتك التى تنتشر بشكل قبيح فى الشارع الضيق، ولكن أدى سقوط الطفل على الأرض سقوط إحدى أسنانه الصغيرة، فحاولت التخفيف من روعه، وطلبت منه وسط بكائه أن يلقى سنته المكسورة إلى السماء كما كنا نفعل ونحن صغار، وأن ينادى الشمس قائلاً: يا شمس يا شموسة خدى سنة الننوسة وهاتى سنة العروسة!

على أيامنا كانت الأمهات تضع لنا الحقائب المدرسية من بقايا القماش، وخاصة قماش الدمور، أو من شكاير السماد البلاستيك بعد رش الزرع بها! لم أكن من هواة اصطحاب الحقيبة إلى المدرسة، ولكن كنت أحياناً اضطر إلى حملها حفاظاً على الكتب والكراريس بضغط من مدرس الرسم الذى تحدانى وتحديته وانتصر، وجعلنى مجبراً على إحضار كراسة الرسم إلى المدرسة، فكانت غالباً الكراسة الوحيدة التى أضعها فى الحقيبة الكبيرة! يضايقنى كرنقال الحقائب الذى يحمله بعض الموظفين والعاملين فى الباصات، لأنها تكون إحدى وسائل مضايفات الركاب خاصة إذا كان أصحاب الحقائب من غير الجالسين على الكراسى فتصطدم الحقائب بوجوه الجالسين دون أن يشعر حاملوها على أكتافهم، البعض من الركاب ما زال متمسكاً بسلسلة المفاتيح التى يعلقونها فى عروة البنطلون، حوالى نصف كيلو مفاتيح تتدلى من البنطلون بدون داعٍ، اختفت حقائب السموسونايت، وحلت مكانها أنواع أخرى من الحقائب الجلدية والقماش التى يدور بها البعض أينما ذهبوا.

طباع الناس طبعاً مختلفة، ولكن حقيبة المدرسة التى تسببت فى فقد الطفل الصغير لإحدى أسنانه بسبب ضخامتها جعلتنى أفكر فى كيفية ذهابه بها إلى المدرسة إذا كانت الحقيبة محشوة بالكتب والكراريس واللانش بوكس، ما تأثير هذه الحقيبة الضخمة على العمود الفقرى لأبنائنا الصغار الذى يمشون مسافات طويلة إلى المدرسة أو يركبون سيارات وسط الزحام؟، أتحدث عن الطبقة المتوسطة، والفقيرة، غالبية تلاميذ المدارس الابتدائية يحملون الحقيبة الدراسية على الظهر والسير بها لمسافات مختلفة. ضرر حمل الحقيبة المدرسية على الظهر شغل اهتمام الأطباء فى الخارح خاصة المتخصصين فى طب الأطفال والعظام.

أشارت دراسات فى الخارج إلى أن الحمل الزائد للحقيبة المدرسية والسير بها لفترة تزيد عن 20 دقيقة ذهاباً وإياباً يؤدى إلى آلام فى الرقبة والذراعين والكتفين وأسفل الظهر، كما تسبب ضغطاً على القلب والرئتين نتيجة تشوه الهيكل العظمى للعمود الفقري.

ويشير الأطباء إلى أن مضاعفات هذه الحالات لا تظهر مباشرة على الأطفال بل تظهر على مرور الأيام. وتلاحظ للأطباء أن أوقات الذهاب إلى المدارس أو الخروج منها بالحقائب تنحنى غالبية ظهور الأطفال تحت ثقل الحقيبة المدرسية، وهى مشكلة عالمية شغلت الأوساط الطبية.

هناك دراسة أمريكية بعنوان «حقيبة المدرسة تكسر الظهر» أكدت أن غرفة الطوارئ فى الولايات المتحدة الأمريكية استقبلت فى عام 2009 عدداً كبيراً من التلاميذ يعانون من إصابات وآلام فى الظهر كلها لها صلة بحمل الحقائب المدرسية.

هناك حلول لمشكلة الحقيبة المدرسية، فى فرنسا تم تخصيص كتاب يشمل كل المواد لكل شهر من أشهر الدراسة، وخصص لكل مادة لون معين فى الكتاب. وأكدت دراسة فى الهند على انحناء فقرات الرقبة عند حمل الطفل لحقيبة يصل وزنها إلى 15٪ من وزن الطفل. العلماء يبحثون وزن الحقيبة المدرسية نسبة إلى وزن الطفل، إضافة إلى وزنها الفعلى، وطالبوا باختيار الحقيبة الآمنة لصحة وسلامة الطفل بما يتناسب مع جسمه وطوله ووزنه، وتدريب الأطفال على حمل الحقيبة حسب المعايير الصحية والمواصفات الطبية حفاظاً على صحة الأجيال.

تمنياتنا بعام دراسى سعيد على جميع أبنائنا فى كافة المراحل التعليمية، ودعواتنا لهم بالصحة والسلامة.