رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

 

قالت صحيفة الجارديان البريطانية إن نسب مشاهدة سلسلة The Crown ارتفعت بشكل ملحوظ عقب وفاة الملكة إليزابيث الثانية، وتصدرت تريند الأكثر مشاهدة، ووصلت نسبة الزيادة إلى 800% بالمملكة المتحدة. حيث اقتربت ساعات مشاهدة المسلسل الشهير من تحقيق 20 مليون مشاهدة على منصة Netflix، كذلك تضاعفت نسبة مشاهدة المسلسل فى الولايات المتحدة 4 مرات، فيما قفزت فى فرنسا إلى ثلاثة أضعاف عن نسب المشاهدة المسجلة سابقاً، ودخل العمل قائمة العشرة أعمال الأكثر متابعة بأستراليا. 

المسلسل يستعرض عبر أجزائه الأربعة؛ حياة الملكة الراحلة إليزابيث الثانية منذ زفافها فى عام 1947 حتى عام 1955، عندما توفى الملك جورج السادس، ما أدى إلى صعود إليزابيث إلى العرش، ومن المقرر طرح الموسم الخامس من مسلسل The crown نوفمبر المقبل، الذى أتوقع أن يشهد متابعة كثيفة عبر العالم.

الانفجار فى مشاهدات المسلسل الإنجليزى دلالة كبيرة ومهمة على الدور الذى تلعبه «القوة الناعمة»، حيث كان خير معبِّر عن أهمية الدراما التى عرفت المشاهدين حول العالم بالموروث الإنجليزى الملكى الذى قد تتفق أو تختلف معه- وأدق تفاصيل الحياة اليومية فى حياة الملكة، خصوصاً أن لدى بريطانيا مخزوناً ثقافياً وتاريخياً وحضارياً، بل إن البعض يتجاوز ذلك إلى اعتبار أن المسلسل أعاد صياغة العلاقة مرة أخرى بين القصر والشعب فى المملكة المتحدة وهذب كثيراً من صورة الملكية البريطانية.

هنا أتذكر عديد الانتقادات التى وجهت لمسلسل وملحمة «الاختيار» بأجزائه الثلاثة، التى بلغت حد اتهام الدولة والشركة المتحدة بالإهدار فى ما لا يفيد وينفع، متجاهلين فى ذلك أهمية «القوة الناعمة»، التى تعتبر بمثابة خط الدفاع الأول عن هوية الوطن، خاصة فى عصر ثورة الميديا والمعلومات.

و«القوة الناعمة Soft power»؛ هو مصطلح صاغه جوزيف ناى من جامعة هارفارد فى كتابه الصادر عام 1990 بعنوان «مقدرة للقيادة: الطبيعة المتغيرة للقوة الأمريكية» لوصف القدرة على الجذب والضم دون الإكراه أواستخدام القوة كوسيلة للإقناع، إذ قال جوزيف ناى إنه مع القوة الناعمة «أفضل الدعايات ليست دعاية»، موضحاً أنه وفى عصر المعلومات، تعد «المصداقية أندر الموارد». وتعتمد القوة الناعمة للدولة على ثلاثة موارد أساسية؛ ثقافتها، وقيمها السياسية، وسياساتها الخارجية.

هنا يبرز أهمية دور الدراما؛ فالدراما هى نشاط يتسم بالوعى والمعرفة، قد يستحضر تجربة ماضية استحضاراً واعياً، أو مشوهاً، حيث الارتباط القائم بين الدراما والواقع والسياسة، خاصة فى ضوء ثورة الصورة الرقمية؛ وهو ما جعل الدراما وما تقدمه من توثيق لأحداث وشخصيات من أبرز أدوات «القوة الناعمة» وأكثرها فاعلية، فهى بمثابة الجسر الافتراضى الذى تعبر عليه المجتمعات، والمصدر الرئيسى الآن لمنظومة القيم التى يريدها المجتمع. لذلك ارتباط الجمهور بالدراما هو ارتباط وظيفى، تلعب فيه الدراما دوراً مؤثراً فى التأثير على الوعى السياسى للأفراد وتوجيهه، من خلال عنصر الصراع الذى تقوم عليه الدراما. والذى لابد له من جمهور يتابعه، ويتفاعل معه، وينفعل به.

هذا الدور الوظيفى للدراما تتزايد فاعليته فى ظل التطور الهائل لوسائل الإعلام والتواصل، حيث قوة التأثير الكبيرة التى يمكن لهذه الوسائل أن تحدثه فى الجمهور، لأن تلك الجماهير سوف تتجه نحو الوجهة التى يريدها المخططون للسياسات الإعلامية. لذلك فالحاجة ضرورية وملحة فى إطار معركة الوعى، إلى أن تكون تلك الوجهة هى الاتجاه الوطنى الصحيح، لذلك حان الوقت لإسقاط لافتة «لا لتوظيف الدراما فى السياسة» لأنها أصبحت لافتة بالية وغير منطقية.