رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

 

 

 

 

الانطوائية والخجل الشديد اللذان صاحبا شخصيته فى صغره لم يمنعانه من التمرد على أفكار عائلته الأرستقراطية، التى رفضت عمله فى الفن، وإن كانت بذور التمرد داخله موروثة من تلك العائلة أيضا؛ فوالده وأعمامه شاركوا فى ثورة 1919 ضد الاحتلال البريطانى لمصر، أما والدته -صاحبة الأصول الصعيدية- فعمتها الناشطة النسوية هدى شعراوي.

وجد نفسه على مسرح المدرسة والجامعة، يكسر حاجز الخجل الشديد ويحصل على جائزة الممثل الأول على مستوى المدارس المصرية والأجنبية فى مصر، ورشحه المخرج توجو مزراحى لتقديم مشهد مع الفنانة مارى منيب فى فيلم «الفرسان الثلاثة» عام 1941؛ إلا أن أسرته أصرت على حذف المشهد.

اضطر جميل راتب إلى الموافقة على قرار أسرته بدراسة السياسة فى كلية الحقوق الفرنسية فى مصر عام 1945، والسفر إلى فرنسا لاستكمال تعليمه، وهناك قرر أن يلفظ الحياة الدبلوماسية التى اختارتها العائلة، وأن يدرس التمثيل فى معهد خاص، ليقرر العمل «كومبارس» فى بعض الأعمال ونادلا فى مقهى بعد حرمانه من مصروف العائلة.

نشأ « راتب» فى عائلة أرستقراطية لم تتح له التعرف على الطبقات الفقيرة عن قرب، لكن قرار العمل حمّالا فى سوق الخضار لتوفير نفقاته كانت من الدروس التى أضفت حالة من الثراء الإنسانى على شخصيته، وساعدته فى حياته المهنية، حيث تمكن من التنوع فى تجسيد الشخصيات المختلفة بالبراعة نفسها.

وجود « راتب» فى فرنسا جعله يختلط بالفيلسوف الفرنسى جان بول سارتر والمؤرخ الفرنسى بيير فيلار، فقد بدأ مشواره فى باريس بالعمل فى الفرق الصغيرة، حتى رشحه الفنان سليمان نجيب للفرقة الفرنسية المشاركة فى عروض بدار الأوبرا المصرية على أن يكون ضمن الفنانين الرئيسيين فى العروض، وهو ما منحه فرص المشاركة فى أدوار كبيرة ورئيسية فى المسرح؛ فقدم عروضا فى مصر ولبنان وسوريا وتركيا، وقدم مسرحيات أمام جمهور واسع ومختلف، بجانب مشاركته فى تقديم أعمال شكسبير على المسرح.

ورغم المساحات الكبيرة والأدوار الرئيسية التى حصل عليها فى المسرح، فإنه ظل يشارك بأدوار صغيرة فى السينما، حتى جاءته الفرصة ليقدم شخصية رئيسية فى فيلم «ترابيز» عام 1956، وفى العام نفسه كانت أول بطولة مطلقة له فى فيلم مصرى بعنوان «أنا الشرق»، بطوله النجمة الفرنسية كلود جودار وقام مخرج الفيلم بعمل «دوبلاج» لصوتها باللغة العربية.

انشغال « راتب» بالسينما والمسرح فى فرنسا جعله يغيب عن مصر منذ الأربعينيات، ليعود عام 1974 لمتابعة بعض الأمور الأسرية، حيث قرر أن يمكث فى مصر 6 أشهر غيّرت حياته حين عرض عليه المخرج المسرحى والفنان كرم مطاوع تقديم دور رئيسى فى مسرحية «دنيا البيانولا»، بعدها رُشح لتقديم فيلم تليفزيونى عن حياة كامل الخلعى منذ طفولته إلى وفاته، وهى الشخصية التى فتحت أمامه أبواب التليفزيون والسينما فى مصر. مشوار»راتب» جاء محملا بأدوار شديدة التنوع والاختلاف؛ فهو المتسلط «نبيل بيه الأربوطلي» فى فيلم «البداية» مع صلاح أبو سيف، و «فرط الرمان» فى «الوداع يا بونابرت» مع المخرج يوسف شاهين، و «البهظ بيه» تاجر المخدرات فى «الكيف»، والسفير المتقاعد «مفيد أبو الغار» الذى يحارب التشوه والفساد فى مسلسل «الراية البيضاء»، و«لطفى بيه» فى «سنبل بعد المليون» و«أبو الفضل» فى «يوميات ونيس» و«الخواجة» فى «زيزينيا».

الانشغال بالفن جعل « راتب» يرفض الإنجاب من زوجته الفنانة الفرنسية مونيكا مونتيفيير، التى اعتزلت التمثيل بعد الزواج وتفرغت للعمل مديرة إنتاج ثم منتجة منفذة، ثم مديرة لمسرح الشانزليزيه، فقد كان يخشى على مستقبل أولاده بسبب عمله فى الفن وعدم استقراره، ورغم انفصاله عنها بعدها بسنوات فإنه رفض الزواج مجددا، وظل على علاقة طيبة بها.

توفى «راتب» فى 19 سبتمبر 2018 عن عمر ناهز 92 عاما، بعد حياة حافلة بالفن الصادق الذى ضحى كثيرًا من أجله.

 

[email protected]