عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذه الدنيا

فى التاسع والعشرين من أبريل 1936 صدرت صحيفة «الأهرام» بعنوانها الشهير: «مات الملك.. ليحيى الملك»، وقسمت صفحتها الأولى إلى نصفين طوليين، فى الأول صورة الملك فؤاد، وفى الثانى الملك فاروق. وكان الملك فؤاد قد توفى فى 28 أبريل 1936 عن عمر 68 عاماً، وشهد حكمه اعتراف بريطانيا – لأول مرة – باستقلال مصر بصدور تصريح 28 فبراير 1922، ثم دستور 1923.

وعلى مدى التاريخ اشتهر مانشيت «الأهرام» بين الناس ليتحول مع بعض التحريف إلى مقولة شعبية: «عاش الملك.. مات الملك».

إنها ثنائية الوداع والاستقبال، نتعامل مع الحياة والموت دون فاصل، رحلت الملكة اليزابيث الخميس 8 سبتمبر، وبينما كان جثمانها مسجى فى إحدى ثلاجات قلعة «بالمورال» بإسكتلندا، كان ابنها تشارلز يصافح المواطنين الذين اصطفوا لتهنئته على أبواب قصر «باكينجهام»،  أخيراً أصبح ولى العهد ملكاً بعد انتظار 70 عاماً متجاوزاً شكوكاً كبيرة فى إمكانية أن يرى ذلك اليوم بعد أن امتد العمر بوالدته إلى سن الـ96 عاماً.

إجراءات دفن الملكة معقدة وتمتد لنحو 12 يوماً وسط طقوس فاقت ما كان يفعله الفراعنة القدماء، عربات وخيول، وأشخاص أشبه بالهنود الحمر، ومارشات استعراضية لن تفيدها فى شىء. الملكة ماتت.. «هلك عنها سلطانها».. ولم يبقَ سوى جثمانها الذى ينتظر الدفن بكنيسة الملك جورج السادس فى قلعة «وندسور».

ويبدو أن رئيسة الوزراء الجديدة ليزا تراس «وشها حلو». كان تكليفها بمنصبها الجديد هو آخر ظهور للملكة اليزابيث (الثلاثاء 6 سبتمبر) لدى استقبالها تراس رئيس الوزراء رقم 15 فى فترة حكمها المديدة، يومان فقط ورحلت الملكة، ومن المفارقات العجيبة أن السيدة تراس لها رأى معلن فى النظام الملكى البريطانى، وترى أن الزمن تجاوزه، وقالت: «من العار أن يحكمنا أشخاص كل مؤهلاتهم أنهم ولدوا فى عائلات معينة».

التاج البريطانى مسألة شكلية، الحاكم الفعلى للبلاد هو الجالس فى 10 داوننج ستريت. سر بقاء التاج أنه لم يشتبك بالسياسة، فعلى مدى سبعين عاماً لم تتورط اليزابيث فى موقف محدد. إنها الرصانة التى يفتقدها خلفها تشارلز، وفى الذاكرة زلزال بمقياس 7 ريختر هز سمعة العائلة العريقة عند انفصاله عن زوجته وأم أولاده ديانا، ثم رحيلها المأساوى، وحكايات الخيانة المتبادلة، وعشيقته التى أصبحت زوجته فيما بعد «كاميلا».

رحيل اليزابيث يفتح أبواباً غير سارة على التاج البريطانى المعرَّض لمزيد من الانكماش، حيث أعلن رئيس وزراء «انتيجوا وبربودا» إحدى دول بحر الكاريبى وعضو الكومنولث أن بلاده تعتزم إجراء استفتاء بخصوص استبدال النظام الملكى والتحول إلى جمهورية فى غضون الـ3 سنوات القادمة. ونشرت مجلة «الإيكونوميست» البريطانية تقريراً بعنوان: «بعض ممالك الملك الجديد قد تصبح جمهوريات».  وأشار إلى أن كثيرين يرون استمرار الروابط مع ملك بريطانيا استعمارًا عفا عليه الزمن.

القلق من انفراط العقد يمتد إلى إيرلندا الشمالية وإسكتلندا حيث تتزايد النزعة القومية، كما يمتد إلى كندا وإستراليا ونيوزيلندا. وفى الداخل تواجه العائلة «الحملة من أجل الجمهورية» التى تدعو لمناقشة مستقبل النظام الملكى.

لقد سقط جسر لندن.. التعبير الكودى لوفاة الملكة إليزابيث.. والمرجح أن تتهاوى بعده جسوراً عديدة من التاج الأعرق فى العالم. وسبحان من له الدوام.

[email protected]