رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاوى

 

المادة «33» فتنة للوقيعة بين «السيسى» والصحفيين

لا أعتقد أبداً أن هناك أحداً لديه حرص على مكافحة الإرهاب وأهله أكثر من الصحفيين، ولا أعتقد أن أحداً من الممكن أن يشك فى الدور الكبير الذى قام به الصحفيون فى الحرب على الإرهاب، وما فعلته وسائل الإعلام منذ تولت «الجماعة الإرهابية» الحكم حتى تم إسقاطها وإبعادها عن تنفيذ المخططات الشيطانية الإجرامية للجماعة، وكذلك دورها الوطنى الرائع فى مقاومة المؤامرات الغربية ـ الأمريكية وخطط تفتيت الوطن وتقسيم مصر، ولا أستثنى أية وسيلة إعلامية فى هذا الشأن سواء كانت مقروءة أو مسموعة أو مرئية حكومية أو خاصة.. فالكل كان له ولا يزال دور وطنى رائع، ولا أعتقد أن أحداً ينكر ذلك على الصحفيين، بل إن الصحفيين ونقابتهم يلتفون حول المشروع الوطنى بالبلاد من أجل بناء الدولة الحديثة التى يحلم بها المصريون.

الصحفيون هم الذين ينادون ولا يزالون بقوانين تكافح الإرهاب وتردع مرتكبيه، وهم الذين طالبوا مراراً وتكراراً بسرعة إصدار قانون مكافحة الإرهاب، ويوم يتم تنفيذه وإصداره، تقع الطامة الكبرى على رؤوسهم، وأول من يقع عليهم الغبن الشديد فى مشروع قانون مكافحة الإرهاب، فالحبس الذى تخلص منه الصحفيون فى قضايا النشر بات يطاردهم من جديد، وليس معنى مكافحة الإرهاب، هو ذبح حرية الرأى والتعبير وتكميم الأفواه، وليس معنى مكافحة الإرهاب هو اغتيال حرية الصحافة ولا أعتقد أبداً أن الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يعرف الدور الوطنى الكبير للصحفيين يرضى بهذا على الإطلاق، وفى مصر الجديدة التى نسعى إلى تأسيسها لا يمكن أن يتم اغتيال حرية الرأى والتعبير طالما أنها فى صميم الأمن القومى للبلاد.. وأعتقد أن الذين وضعوا مشروع القانون بهذا الشكل يحدثون فتنة بين الرئيس والدولة الجديدة والصحفيين وكل من ينادى بحرية الفكر والرأى المسئول الحر.. فهل يجوز ونحن نحارب الإرهاب أن نمارسه على أصحاب الرأى والفكر والصحفيين ولا يوجد عاقل أبداً يرضى بهذا الهراء!!

مشروع قانون مكافحة الإرهاب، لن يقبل به الصحفيون لأنه سيكون سيفاً مسلطاً على رقابهم، بل إنه لو صدر بهذا الشكل يعود بنا الى الوراء وكثيراً فى حقبة زمنية لا أعادها الله مرة أخرى، أن يكمم الصحفيين ويحولهم الى «بوسطجية» بين مؤسسات الدولة وصحفهم، لأنه يكمم الأفواه ويفرض عليهم رأياً واحداً وهو الالتزام ببيان الجهة الحكومية التى تصدره، ولا يجرؤ أحد مهما كان أن يبدى رأياً أو فكراً وعليه فقط الالتزام بما يصدر إليه!!

فى مشروع قانون مكافحة الإرهاب، اعتداء صريح على الدستور، فهو يعيد من جديد القيود التى ناضلت الجماعة الصحفية، لإلغائها عبر عقود طويلة من تاريخها وتم تتويج هذا النضال فى الدستور الجديد، وحفل مشروع القانون بمواد تخالف بشكل صريح المادة «71» من الدستور والتى تقضى بحظر توقيع أية عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بطريق النشر أو العلانية.. أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين، أو بالطعن فى أعراض الأفراد فيتحدد عقوبتها القانون خاصة فى المواد «26، 27، 29، 37،33».

المادة «33» من مشروع قانون مكافحة الإرهاب تقضى بالآتى «يعاقب بالحبس الذى لا تقل مدته عن سنتين كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أى عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية وذلك دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة فى هذا الشأن.. وهذه المادة تعيد مرة أخرى عقوبة الحبس بل وتصادر حق الصحفى فى الحصول على المعلومات من مصادر مختلفة وتحصرها فى جهة واحدة، مما يعد ردة واضحة على حرية الصحافة بل اغتيالها اغتيالاً شديداً، وتحول الصحفى كما قلت قبل ذلك بمثابة «بوسطجى» يحمل بيان الجهة الصادر عنها هذا البيان الى صحيفته أو وسيلة الإعلام الأخرى التى نعمل بها، بل إنما تحرم الصحفى من الحصول على المعلومات من مصادر أخرى، وقد تكون هذه الجهة الصادر عنها البيان مخالفة وكاذبة، مما يجعل الصحفيين أبواقاً تردد ما تريده هذه الجهة دون  تفكير أو إبداء للرأى.

وهذا يعنى بما لا يدع أدنى مجال للشك، أن الدولة تريد أن تفرض رقابة على كل الصحف ووسائل الإعلام، ما يعنى تكميماً صريحاً وواضحاً للأفواه، وإخراساً لكل الألسنة، بل تقضى تماماً على حرية الفكر والتعبير.. ويعنى أيضاً العودة الى زمن ولى وراح بأن تكون الصحافة أبواقاً للنظام وفقط.. ويعنى أيضاً أن ما حققه الصحفيون فى ثورتين عظيمتين 25 يناير و30 يونية ضاع هباء منثوراً.. بل ويعنى أيضاً عودة الى نظام حكم الفرد الواحد، وهذا مرفوض جملة وتفصيلاً ولا يمكن أن يقبل به الصحفيون سواء كانوا عاملين فى الصحف القومية أو الحزبية أو الخاصة بل ان هذا يعنى تحويل نقابة الصحفيين رائدة الحرية والفكر والتعبير الى بوق للنظام، أياً كان هذا النظام، ويعنى أيضاً أننا نضيع فكرة المشروع الوطنى للبلاد فى مصر الجديدة، القائمة على الحرية والفكر.

أما الذين يرددون ولماذا يخاف الصحفيون ـ من ذلك خاصة أن هذا الأمر متروك لسلطة القاضى يقدر نية الصحفى، فهذا هراء شديد ولا يستقيم مع المنطق والعقل، بل إن الذين وضعوا هذه المادة فى القانون كأنما يقصدون أن يكون هناك سيف مسلط على رقاب الصحفيين لا يستقيم أبداً مع ثوابت ثورة 30 يونية.. كما أن هذه المادة جعلت من السلطة التنفيذية رقيباً على الصحفيين وعلى حرية الصحافة وأهدرت كافة الضمانات التى كفلها القانون للصحفى.. ومؤخراً قال المستشار ابراهيم الهنيدى وزير العدالة الانتقالية متبرئاً من هذه المادة قائلاً إن وزارة العدل هى التى وضعتها، وعلى الصحفيين اتباع الطرق الرسمية بالتقدم الى الحكومة لإلغاء هذه المادة. وشىء غريب أن يقول الوزير هذا الكلام، وهو يعلم أن هذه المادة تثير أعصاب الصحفيين فلماذا لا يقوم بحذفها.. نحن الآن لسنا فى موضع من قام بتضمين المشروع مادة تحبس الصحفيين بالمخالفة للدستور، ولا نبرئ الوزير من مسئوليته عن هذه المادة، فطالما أن المادة لا تعجب الوزير فلماذا لا يقوم هو أيضاً مع الصحفيين بالتنبيه على وزارة العدل بحذفها، بدلاً من الفتنة الشديدة التى تقع الآن بين الدولة والصحفيين.

وأعتقد أن المستشار أحمد الزند وزير العدل لا يرضى بهذا الشأن على الإطلاق وأعتقد ان وزير العدل لديه قناعة كبيرة بوطنية الصحفيين ودورهم فى الحرب على الإرهاب، ولايرضيه هو الآخر أن تصدر قانوناً يحارب الإرهاب وأهله وفى نفس الوقت يغتال حرية الرأى والتعبير.. أطالب المستشارين الزند والهنيدى وكل الذين شاركوا فى وضع هذه المادة يحذفها من مشروع القانون.. ولا الوزيران الموقران يرضيان أبداً باغتيال حرية الصحافة، ولا يرضيان أيضاً أن تكون عملية اغتيال حرية الفكر على أيديهم!!

بقى أن نقول إن حرية الصحافة والفكر والرأى هى أقوى سلاح فى مواجهة الإرهاب وكل المخططات الإجرامية التى تحاك ضد الوطن.. وليس من المنطق أن يصدر قانون لمكافحة الإرهاب بالمخالفة للدستور وعلى حساب اغتيال حرية الصحافة.. وبقى أيضاً أن نقول إن النية الحكومية من مشروع القانون كانت مبيتة بدليل إعلان المشروع ووضع مواده دون أخذ رأى الصحفيين وممثليهم فى نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة.. فهل يعقل أن يتم إصدار تشريع يخص الصحفيين دون إبداء رأيهم فى هذا الشأن.

إننى أناشد الدولة عدم الإقدام على هذه الخطوة التى تقصف أقلام الصحفيين، وكما قلت سابقاً فإن الرئيس عبدالفتاح السيسى لن يرضى بهذا الهراء أبداً.

[email protected]