عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

يوم 23 أغسطس عام 1977 ألقى فؤاد باشا سراج الدين خطاباً سياسياً حاشداً فى نقابة المحامين فى أول ظهور سياسى له منذ قرار إلغاء الأحزاب السياسية فى يناير 1953، أعلن فى نهاية الخطاب الذى استمر حوالى ثلاث ساعات بأن الوفد يستعد للعودة إلى الحياة السياسية بعد السماح بتعدد الأحزاب، وأنه بصدد إعداد برنامج واتخاذ الإجراءات القانونية والدستورية لتشكيله.

كانت المناسبة لخطاب الباشا فى نقابة المحامين الاحتفال بذكرى الزعيمين الراحلين سعد زغلول الذى توفى يوم 23 أغسطس 1927، ومصطفى النحاس توفى يوم 23 أغسطس 1965، سبق انعقاد المؤتمر تكهنات بأن «سراج الدين» سيعلن فى خطابه عن عودة حزب الوفد مرة أخرى.

لم يأت خطاب سراج الدين عن اعتزامه عودة حزب الوفد من فراغ ولكن سبقه الرئيس السادات بإعادة العمل بالنظام الحزبى عام 1976، لكنها كانت عودة مقيدة، حيث قرر السادات وجود ثلاثة أحزاب هى «مصر العربى الاشتراكى» ويمثل «الوسط» برئاسة ممدوح سالم رئيس الوزراء، و«الأحرار الاشتراكيين» ويمثل «اليمين» برئاسة مصطفى كامل مراد، وحزب التجمع، ويمثل اليسار برئاسة خالد محيى الدين، وأنشأ السادات لجنة الأحزاب تنظر فى تكوين الأحزاب، وأضاف فيما بعد شرط وجود 20 نائباً برلمانياً للحزب.

ذكرت إحصائية أن العدد الذى حضر خطاب «سراج الدين» فى نقابة المحامين حوالى ثلاثة آلاف فرد، وضعف العدد حولها استمع إلى الخطاب المثير بمكبرات الصوت، ووجه خلاله سراج الدين انتقادات للنظام، تابعه جميع المثقفين وشرائح البرجوازية تقديراً لحزب الوفد الذى يمثل اليمين الأصيل فى المجتمع.

سبق إعلان سراج الدين عن عودة حزب الوفد عدة خطوات أهمها تشكيل لجنة برئاسته لوضع برنامج الحزب، كما أعلن أن شرط الـ20 نائباً برلمانياً الذى ينص عليه قانون الأحزاب الجديد، الذى كانت تجرى مناقشته فى مجلس الشعب، سوف يتوفر للحزب فى تلك الدورة، غير أن الحزب الحاكم «الوسط» سارع بإدراج مادة فى قانون الأحزاب تقضى بحظر إعادة تكوين الأحزاب السياسية التى قامت قبل الثورة، وعلى هذا النحو عندما اختار الوفد لنفسه اسم حزب «الوفد الديمقراطى» أعلنت السلطة رفضها لهذا الاسم، ولم تجد لجنة الأحزاب مفراً من إصدار قرارها يوم 4 فبراير 1978، تأسيس حزب «الوفد الجديد»، ولم يمض شهران حتى أجرى السادات استفتاء عاماً على مشروع قانون يستهدف ضرب الانفراجة الديمقراطية فى الصميم تحت اسم «حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعى»، وإسقاط الحقوق السياسية عن كل من تولى منصباً وزارياً أو انتمى إلى أحد الأحزاب السياسية قبل ثورة 1952.

كان هذا التشريع الذى أصدره السادات مقصوداً به حرمان أهم قيادات الوفد من العمل السياسى، فؤاد سراج الدين وإبراهيم فرج، وقرر حزب الوفد تجميد نشاطه خارج مقاره والاقتصار على النشاط داخلها، وذلك يوم 5 يونيو 1978.

هكذا كان الفضل للباشا فؤاد سراج الدين فى عودة الوفد، لأنه كان أبرز وأقوى شخصية وفدية موجودة، وعلى اتصال دائم بالوفديين وأسرهم، وكان أول عمل يقوم به بعد تناول الإفطار النزول إلى غرفة المكتب والبدء فى قراءة صفحة الوفيات بالأهرام، ومتابعة أسماء من توفى من الوفديين، وإرسال برقية عزاء على الفور لذويه، وبرقية تهنئة لمن تزوج من أبنائهم وبناتهم، وذلك لحفظ الصلة مع هذه العائلات، وبعدها يبدأ فى قراءة ما فى الصحف من أخبار أو مقالات، وكان هو الشخص الوحيد الذى يلتقى عنده كبار الوفديين، وبالتالى أصبح همزة الوصل بينهم بالإضافة إلى صفاته ومكانته السياسية التى تمكنه من التعايش والتعامل مع الشخصيات والتوجهات المختلفة.

وكما أعلن فؤاد سراج الدين عن عودة حزب الوفد فى أغسطس، توفى أيضاً فى أغسطس بعد 22 عاماً كان فيها زعيماً لحزب الوفد، الحزب الذى قاد المعارضة تحت قبة مجلس الشعب، وعاش سراج الدين تجربة سياسية وشخصية طويلة وعريضة فقد كان أصغر نائب فى البرلمان وأصغر وزير فى الحكومات التى شارك فيها، وكان فيها رجل الدولة القوى.