رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

أهم النتائج التى  أسفر عنها  نجاح الاستفتاء على الدستور التونسى الجديد، وبلغت نسبة الموافقة عليه أكثر من تسعين فى المائة ، هى سقوط نظام  حركة النهضة الإخوانية، التى أحكمت سيطرتها على مؤسسات الدولة ، على امتداد عقد كامل، وقادتها بالفوضى، من فشل إلى آخر، وهى تتمترس خلف آليات ديمقراطية هشة وشكلية، ولا تمل من الحديث عن مكتسبات الثورة الشعبية التى أسقطت نظام «بن على « وإحكام قبضتها الحديدية على القرار السياسى التونسى، وتوجيهه وفق مصالحها الحزبية. 

نعم، سقط نظام الإخوان فى تونس،  منذ نجاح الخطوات السلمية المتدرجة التى قام بها الرئيس"قيس سعيد" فى يوليومن العام الماضى، لإنقاذ الدولة الوطنية من براثن مخطط سقوط نهائى، كان قد فشل فى مصر والجزائر، ومازال يأتى أكله فى سوريا وليبيا واليمن والعراق ولبنان .وجاء قراره بحل الحكومة والبرلمان، بعد أن صارا ساحة لحرب كلامية وبدنية، لا هم لها إلا ترسيخ قوة نفوذ حركة النهضة، وجلب أنصارها فى كل مكان، والتصدى لمعارضيها، واغتيال ممثليهم، وتكديس السلاح فى مقارها السرية، وتجنيد قضاة، لمنع فتح ملفات جرائم  القتل والعنف والفساد وغسيل الأموال التى لاحقتها. 

جمهورية جديدة تولد فى تونس، عقب أن صوت التونسيون لنقل  نظام الحكم  فى بلدهم من برلمانى إلى النظام الرئاسى، بعد أن أثبتت لهم التجربة العملية، فشل البرلمان الذى سيطرت على أغلبيته حركة النهضة وأنصارها، فى إدارة شئون الدولة ومؤسساتها برشد وكفاءة، بما أدى إلى إفقارهم ونهب ثرواتهم، وتعطيل مؤسساتهم الإنتاجية ووقف موارد الدولة السياحية بعد انتشار العنف وحوادث الإرهاب. 

لم تنجح  حملات النخب السياسية المعارضة، التى تجمعت مع حركة النهضة، داخل "جبهة الخلاص الوطنى" التى تضم أطرافًا بعضها ساذج، وبعضها لا يخلو من انتهازية، فى حث الناخبين على مقاطعة الاستفتاء، أوالتصويت برفضه، ليس فقط بسبب ضعف أطرافها، وافتقاد منطقها الشعبوى المغامر للثقة، بل كذلك لاتساع التأييد الجماهيرى لخطط رئيس الجمهورية، ومشروعه الإصلاحى، وثقة المصوتين أنه مشروع للبناء، يرسى قواعد نظام سياسى قوى، يقود لحل مشاكل البلاد الاقتصادية والاجتماعية ، ويخرجها من أزماتها المتراكمة. 

قوة النظام السياسى الرئاسى، تأتى بما يمنحه الدستور من صلاحيات لرئيس الجمهورية، فى بلد لم يترسخ فيه بعد النظام الحزبى التعددى. فقد  تشكلت  أحزابه منذ عشرسنوات فقط، وبلغ عددها طبقًا لإحصاءات حكومية 244 حزبًا، لا قواعد جماهرية لها، وبعضها يدور فى فلك تيار الإسلام السياسى، وحركة النهضة بطبيبعة الحال، ولا فوارق سياسية أو إيدولوجية لبرامجها وشعاراتها. الإجماع الوحيد بين صفوفها، هو حصر آليات العملية الديمقراطية فى صندوق الانتخاب، وهى وصفة إخوانية سبق تجربتها فى مصر، وفشلت وتم إسقاطها، لأنها تصنع احتكارا للسلطة لأغلبية عددية، لا تؤمن أصلاً بالتداول السلمى للحكم، ولا بالديمقراطية ولا بالدولة الوطنية! 

تصويت التونسيين لصالح الدستور الجديد، يعنى أنهم قد أدركوا  بالتجربة والحس السليم، الخطر الذى بات يمثله تيار الإسلام السياسى على استقرارحياتهم وأمن بلدهم، وتعلموا الدرس أن المتاجرة بالدين لتحقيق أغراض سياسية، قادت إلى خراب الدول وانهيارها. ومع الدستور الجديد، تنتقل تونس من ضفة اليأس والإحباط إلى ضفة الأمل  والعمل، كما قال «قيس سعيد». فالدستور يمنحه سلطات تنفيذية كبيرة، تمكنه من تشكيل حكومة  كفاءات قوية متناغمة، فضلا عن صلاحيات واسعة لضبط السياسات العامة للدولة، بما يصونها من التخبط والارتباك، والتنابذ حول اقتسام السلطات التى تنتعش فى أنظمة الحكم البرلمانية الهشة، لاسيما فى دول أصابها ما أصابها، من رياح الربيع العربى المسمومة.