رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

كم  كنت أتمنى أن يقرأ أستاذى د. أحمد مرسى هذه الكلمات التى  أكتبها عنه ، لكن قدر الموت سبقنى إليه ، ولا راد لقضاء الله ! فلقد كان أحمد مرسى المدرس  ثم الأستاذ فى كلية الآداب جامعة القاهرة أيقونة السعادة والأمل بوجهه الباسم وبقدرته اللامحدودة على الحكى وزرع البسمة والأمل لكل من جلس أو استمع إليه . لقد كان قدوة الشباب فى كل مراحل حياته بروحه الشابة وعقليته الوثابة وطريقته الخلابة فى القرب منهم والاستماع إليهم وحل مشاكلهم . كما كان القدوة والمثل للشباب فى كيفية التعامل مع الكبار والحنو عليهم وتقدير علمهم وفضلهم ؛ لقد رأيته لأول مرة ونحن نبدأ أولى خطواتنا فى الدراسة الجامعية عام 1971 م مدرسا شابا يدخل إلى مدرج 78 بالكلية بصحبة أستاذته الشهيرة سهير القلماوى التى كانت ستدرس لنا أحد مقررات اللغة العربية فى الفرقة أولى عام ويقدمها لنا مُركزا على أن اسمها د. سهير بفتح السين وليس بضمها كما هو شائع ، ثم شاهدته يدخل نفس المدرج ثانيا متأبطا يد أستاذه الكفيف عبد الحميد يونس ليقدمه لنا ثم يجلس بيننا ليستمع إليه ثم يصحبه بعد المحاضرة إلى الخارج ، ظنناه حينئذ مجرد معيد صغير يتقرب إلى أساتذته! وسألنا فإذا بنا نعرف أنه من المدرسين الحاصلين على الدكتوراه منذ عام ! ثم إذا بنا نجده بين المحاضرين فى» سكاشن «المساء التى كنا ندرسها فى نفس المقرر، وبالطبع فقد كان هذا المدرس الشاب يحظى بأكبر عدد ممن اختاروا هذه المجموعة بالذات رغم أن الفرقة كانت موزعة على حوالى عشرين « سكشن « يآخرون من أساتذة القسم!

ولما كنت قد اخترت هذه الشعبة بالذات فقد تعرف علينا الأستاذ بألمعيته ، وحينما حل موعد انتخابات اتحاد الطلاب وكنت قد ترشحت لها إذا بى أجده موجودا ومشرفا على لجنة النشاط السياسى والثقافى التى حصلت على عضويتها الشرفية بعد أن حصلت على أعلى الأصوات لكننى استبعدت بفعل مؤامرة انتخابية خبيثة من المنافسين الذين أحسوا بالذنب تجاهى فأعطونى عضوية شرفية كتعويض عما فعلوه معى!! . كان رأى الأستاذ رائد اللجنة فى ظل تلك اللائحة الطلابية المحترمة استشاريا ، ومن ثم كان الطلاب عادة لايهتمون باللجوء إليه ، لكننا فى اللجنة الثقافية لحبنا وثقتنا فى هذا الأستاذ كنا نذهب إليه لنجتمع تحت قيادته ونأنس بمشورته !

تمر السنون الصعبة فى مطلع السبعينيات وكانت سنوات الكفاح والمظاهرات الطلابية الهادرة التى كانت تطالب بالثأر لهزيمة 1967م واسترداد الكرامة والأرض المحتلة وكان الأستاذ يدعمنا دون أن يكون فى الواجهة !! وبعد الحرب عام 1974 م نقرر فى مجلس ادارة تحرير جريدة الأداب التى كان قد شاركنا فى تأسيسها كلسان حال لطلاب الكلية اجراء أول حوار مع السيدة جيهان السادات بعد التحاقها بالكلية كطالبة فى قسم اللغة العربية وترسل الأسماء إلى رئاسة الجمهورية ويُرحب بها إلا اسمى باعتبارى كنت من المشاركين بقوة فى تلك المظاهرات السابق الاشارة إليها فيتدخل باعتباره رائدا للجنة وكنت أنا حينئذ أمينها المُنتخب ، فيُسمح لى بالحضور والمشاركة فى الحوار ! وبعد ذلك أعين معيدا بالكلية بعد معاكسات أمنية لنفس السبب وأسكن فى بيت المعيدين وتأتى أحداث 18و19يناير 1977م المعروفة بانتفاضة الخبز التى لم نشارك فيها بأى شكل لنفاجأ بقرار يأتى لمدير البيت بضرورة إخلاء ثلاثة من سكانه وكنت واحدا منهم ومعى زميلان هما شاكر عبد الحميد وسيد البحراوى رحمهما الله ، ونذهب لعميد الكلية والمشرف على الاسكان بالجامعه فيكون الرد باعطائنا مهلة شهر واحد للاخلاء ، فبدأنا رحلة البحث عن سكن خارجى ، واذا بى أفاجأ ذات مساء بأن مدير البيت يقول لى أنه أتى أمر باستثنائى من الإخلاء ، لأعرف بعد ذلك أن د. أحمد مرسى وراء الأمر فقد ذهب إلى المسئولين وأكد لهم أنه يعرفنى جيدا وأننى منذ انتصار 1973 م أساند بكل قوة الدولة المصرية وأننى لايمكن أن أكون من المحرضين ضدها ..الخ. ولايتوقف دعمه لى ولأمثالى عند هذا الحد. وكم كان لنا معه ذكريات فى العمل تحت رئاسته فى الكنترولات وأعمال الامتحانات ، وكم كنت سعيدا حينما اختارنى بالذات لأرافقه فى السفر إلى بنى سويف ليتسلم كلية الآداب ببنى سويف ليكون أول عميد لها عام 1985م . وربما يأتى الوقت الذى أسجل فيه الكثير من ذكرياتى معه عبرنصف قرن ، ولعل  التاريخ قد سجل صفحات كثيرة عنه وعن انجازاته فى العمل الوطنى وخاصة حينما كان أحد الأعضاء المؤسسين للحزب الوطنى ومسئولا عن الشباب فيه!! فقد  كان وطنيا أحب مصر وأهلها فأحبه كل من عرفه من أبنائها . رحمه الله وأسعده فى آخرته كما عمل على إسعاد كل تلاميذه وكل من لجأ إليه فى دنيانا الفانية .