رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

يترقب مجتمع المحامين فى مصر باهتمام بالغ الانتخابات القادمة على مقعد نقيب المحامين، والتى تجرى يوم 4 سبتمبر القادم. وأتمنى ويتمنى غيرى أن تكون هذه الانتخابات فرصة طيبة لبداية تصحيح حقيقى لصورة ومكانة المحامى فى مصر.

فمن المهم والضرورى أن نعترف أولا أن صورة المحامى فى المجتمع ليست على ما يرام، وأننا فى حاجة ماسة لخطوات استباقية وحاسمة لاستعادة الصورة المثلى للمحامى، الباحث عن العدالة، والمعين للمظلوم، والمؤمن بسيادة القانون كإطار حاكم ومنظم للمجتمع.

لقد تعرضت مهنة المحاماة خلال السنوات الأخيرة إلى تشوه كبير، ربما بتأثير من انحرافات القلة والتى توجد فى كل طبقة ومهنة فتمثل خصما منها، وهذا ما ساهم فى تغير المهمة المفترضة للمحامى فى نظر العامة من شخص ملم بالقانون ويسعى لإنصاف مَن هم فى حاجة للإنصاف إلى شخص انتهازى يعمل على استغلال الثغرات والاحتيال على القانون لقلب الحق باطلا والباطل حقا، ويساهم بذلك فى إفلات خارجين عن القانون من العقاب.

كذلك فقد ساهمت بعض الأعمال الفنية الدرامية والسينمائية فى تكريس صورة نمطية شديدة السلبية للمحامى باعتباره شخصًا محتالا يعمل على تحقيق مصالح فئات بعينها دون أى اعتبارات أخلاقية مثلما شاهدنا فى أفلام «الأفوكاتو»، «طيور الظلام»، و»ضد الحكومة».

فضلا عن ذلك، فقد أدى تدنى مجموع القبول بكليات الحقوق، كنتيجة طبيعية لرغبة الغالبية العظمى من الناس فى الالتحاق بكليات تضمن العمل السهل، سريع العائد، إلى تحول كليات الحقوق بمختلف الجامعات إلى «جراج» لطلبة العلم باعتبارها الأنسب للقبول.

وهكذا يلتحق كثير من الطلبة بكليات الحقوق لا عن محبة حقيقية، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى تخريج عدد ضخم من المحامين غير المحبين للمهنة.

ولاشك أن كل ذلك يحتاج إلى اهتمام كبير من النقابة المسئولة عن مكانة وصورة المحامى وحاله، وهو ما يدفع إلى القول بوجوب قيام النقابة بوضع قواعد تنظيمية حقيقية للعمل فى المهنة، مع تطبيق مواثيق شرف ملزمة تتضمن أطرا أخلاقية مقبولة لممارسة المهنة.

إن الماضى يقول لنا إن زعماء وساسة عظام لعبوا أدوارا وطنية عظيمة وخالدة فى مسيرة مصر الحديثة كانوا محامين مثل سعد زغلول، ومصطفى النحاس، وأحمد ماهر، ومكرم عبيد، وعبدالسلام جمعه، ومحمد بهى الدين بركات، وغيرهم.

ولاشك أن احتياج مصر فى المرحلة القادمة لثورة تنموية يتطلب إجراء إصلاحات تشريعية كبيرة، وهو ما يعنى بدوره الحاجة للاستفادة بجهود ساسة وقانونيين ومحامين مخضرمين يدركون جيدا طبيعة التطور الحادث وأهميته.

وفى اعتقادى فإن طبيعة مهنة المحاماة توفر لأصحابها مهارات عظيمة وقدرات جيدة على الخطابة والمناقشة. كذلك فإن الحرية التى يتمتع بها المحامى تمنحه القدرة على مراجعة ومواجهة الأخطاء، وكل ذلك يخبرنا أن هناك فرصة متاحة لاستعادة مكانة المحاماة واسترداد مكانتها.

إن المحامى الكفء فى تصورى هو رجل بلاغة، وعلم، ومنطق، وفلسفة، وتاريخ، وثقافة ومعرفة عامة، يُحسن الحديث، ويجيد الكتابة، ويُربى ذائقته واستعذابه للأدب بالقراءة والإطلاع والاستماع الدائم للآخرين، ويتعلم فى كافة مراحل عمره دون استعلاء حتى يُصبح مؤهلا لمهنة البحث عن العدالة.

وأكرر لكم أن انتخابات نقيب المحامين تمثل فرصة لفتح نقاش عام عن مشكلات المهنة وأهمية رد اعتبارها فى ظل بوادر إصلاح سياسى عظيم يفرض نفسه على المجتمع المصرى. وكما ذكرت من قبل فإن مشكلات النقابة تتجاوز المشكلات التقليدية التى تتضمن ملفات المحامين المتقاعدين، وبرامج علاجهم، وضعف مستوى التدريب والتطوير بسبب عدم تبنى النقابة لأى برامج حقيقية لتطوير الأداء، لتصل إلى الأطر الأخلاقية الحاكمة للمهنة وممارستها بما يعيد الألق الغائب.

وسلامٌ على الأمة المصرية