رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

حول تأثير الثقافات الوافدة على الهوية ، يحكى البعض حدوتة الرجل الذى كان يعيش فى إحدى الدول الآسيوية فى زمن انتشار الشيوعية و هو يُشَاهد فى المحافل الثقافية مرتديًا فى فصل الصيف ملابس الشتاء وعندما قيل له لماذا تفعل ذلك؟.. قال إن السماء فى روسيا تُسقط ثلجًا!!

وتشير تلك الحدوتة إلى مصيبة التبعية الثقافية فهى من أخطر المظاهر والظواهر السلبية التى يعانى منها الفرد والأمة ، وهذه المشكلة لا تقف عند منحى معين بل تشمل كل المناحى السياسية والاجتماعية والاقتصادية حتى تصل فى بعض الأحيان وبعض المناطق إلى مرحلة الذوبان الكلى وضياع هوية الفرد والأمة كما حدث لصاحبنا فى الحدوتة السالفة الذكر ، وهو الذى ارتدى ملابس الشتاء فى الصيف ، وما حدث فى بعض الدول المُستعمرة ثقافيًا رغم جلاء المستعمر و رحيل كل قواته عن أرضها  ..

أما عن المستقبل الثقافى الذى تنتظره دول العالم الثالث ، فهو ما أرى ضرورة التحاور حوله والعمل على دراسة كل الآراء والتصورات المتوقعة بالقياس على معطيات الواقع  ، حيث الهيمنة الواسعة لأمم الغرب على الشأن الثقافى تعمل على سيادة مفاهيم التبعية ، بعد أن أصبحت توجهات المنهجية الغربية، خاصة فى العلوم الاجتماعية والإنسانية راسخة لدى مثقفى العالم النامى ومعمول بها ، و بعد أن زاد اهتمام الغرب ببناء الأنماط والنظريات التى تتجدد بإيقاع متسارع فى حقول العلوم الاجتماعية بتوغل وسيطرة وسيادة  ، فهل يمكن قياس المستقبل الذى ينتظر دول العالم النامى ثقافيا والوضع على هذا النحو ، و كيف ؟!

. لاشك أن الثقافة فى النهاية هى ما يبقى بعد زوال كل شيء ، كما أن المعلومات  هى المورد الإنسانى الوحيد الذى لا يتناقص بل ينمو مع زيادة استهلاكه.فهل نعي- نحن أبناء العالم النامى مغزى ثنائية التعريف هذه، فلن يبقى لنا، فى نهاية الأمر، إلا ثقافتنا ومواردنا البشرية، صائغة هذه الثقافة وصنيعتها. وليس أمامنا بعد كل ما استهلكناه وأهدرناه من مواردنا المادية إلا مورد المعلومات المتجدد دوما، وإنتاج المبدعين منا صغارا وكبارا، نخبة وعامة ، قادرين و بسطاء...

و ها نحن نتابع دول الغرب المتقدمة وهى تنتج معظم سلع العالم الثقافية التى نقتات على معارفها ، وتجرى معظم الأبحاث الأساسية والتطبيقية فى الغرب ، الأمر الذى يعنى أن الهيمنة الغربية تقنيًا وثقافياً على دول العالم النامى ستستمر ويتم دعمها فى المستقبل.

و حول الفكر الغربى وهيمنته قال الكاتب والسيناريست الراحل حسين حلمى المهندس : «من المعروف فى أدبيات الفكر المصرى والعربى أن الصدمة الحضارية الأولى التى تلقتها مصر بالاحتكاك بالغرب جاءت مع الحملة الفرنسية.. وقد عبر المؤرخ العظيم الجبرتى عن هذه الصدمة عندما كان يشاهد بعض التجارب التى يقوم بها عدد من العلماء الفرنسيين.. قائلاً : « هذه أشياء لا تعيها عقولنا « .

غير أن نابليون لم يكن ليكتفى بغزوة عسكرية.. واحتلال عسكرى لمصر يحقق له مصالحه فى الشرق بل أراد فرنسة مصر.. ولن ننسى أن نابليون جاء معه بمطبعة عربية .