عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

أسعد كلما قرأت عن نابغة مصرى هنا أو هناك. ربما أستعيد جانبا من البدايات قبل ثلاثة عقود وأنا طالب علم بكلية كوين مارى بجامعة لندن، وأتذكر كيف كان الحماس والطموح يدفعانى دفعا لبذل كل جهد للتفوق. كنا نؤمن أن العلم وحده يُمثل جسر العبور بين التخلف والتقدم، وكنا نعى أن كل البشر قادرون على التميز إن امتلكوا الإرادة والرغبة فى ذلك.

من هنا أفرح كثيرا كلما رأيت نماذج متفردة لشباب محب للعلم، ساع للتفوق، لديه الطموح العظيم لأن يُسهم فى مسيرة العالم للتطور.

ومريم هيثم شابة مصرية متفوقة، شاركت فى حدث غير مسبوق هو تطوير تلكسوب «جيمس ويب» الذى التقط لنا فى الأسبوع الماضى صورا مذهلة للكون البديع لنرى ما لم يره الناس بتاتا خارج مجموعتنا الشمسية.

لقد شاهدنا جميعا الصور المبهرة، واحتفى العالم هنا وهناك بها، واعجبوا بذلك التلسكوب المتطور القادر على تجاوز التصوير المعتاد، ولم نكن نعرف أن أحد أعضاء الفريق الذى قام بتطوير هذا التلسكوب، فتاة مصرية شابة تعمل باحثة فيزياء بجامعة جونز هوبكنز بالولايات المتحدة هى مريم هيثم.

أنهت مريم تعليمها الأساسى فى مصر، ثم سافرت فى منحة علمية لدراسة الفيزياء فى الولايات المتحدة، وهناك تخصصت فى برمجيات الأشعة تحت الحمراء، وشاركت بالعمل فى التلسكوب المذكور من خلال تدريب جامعى جرى فى النصف الثانى من عام 2019.

وكانت مهمة مريم كما ذكرت هى لاحقا تطوير الأشعة تحت الحمراء لملاحظة ما يدور فى الكون قبل 13 مليار سنة لنبصر هيئة وحركة الكواكب فى ذلك الوقت المبكر، ونتعرف على نظريات جديدة فى نشأة الكون علميا. وقدر للباحثة المصرية أن تشارك فى منظومة التطوير وتعمل بجد وتفان وطموح، لتساهم فى تقديم خدمة جليلة للبشرية تضاف إلى رصيد الاكتشافات العظيمة.

ولاشك أن قصة نجاح مريم تؤكد لنا بوضوح أن جينات النبوغ والابتكار ومحبة العلم منغرسة فى نفوس المصريين منذ القدم، وأن المصرى، متى فتحت أمامه نوافذ الابداع وهيأت له ظروف التعلم الصحيح، نجح وتفوق وترك بصمات خالدة لا يمحوها الزمن.

إن مصر ولادة دائما بالمبدعين والمبتكرين ورجال العلم، جيلا بعد جيل، ولاشك أن هناك نوابغ مصرية فى كثير من جامعات العالم ومراكزها البحثية والعلمية، وأن هؤلاء يجب الاستفادة من نبوغهم، واستقراء حكاياتهم والتعلم منها، وبثها للشباب الباحث عن قدوة والطامح فى تحقيق إنجاز خالد.

إن مريم هيثم بمثابة دليل حى على أن الأمل قائم، والتطور ممكن، وأن التغلب على المشكلات الأزلية ليس أمرا مستحيلا.

وفى رأيى، فهناك درس آخر مهم مفاده أنه مهما تصور البعض بأن الصورة قاتمة وأن الأجواء منذرة بالسوء، فثمة ما يحدث ليمحو ذلك ويؤكد أن مصر قادرة على التقدم، وتجاوز كافة العقبات والتحديات، وأن المصريين لديهم إرادة صلبة وطاقة فائقة لتحقيق الإنجازات.

كما أن القصة برمتها تُبرهن على صحة ما كتبته من قبل وما كتبه غيرى مرارا، بأن التعليم هو أساس النهضة الشاملة والتنمية المستدامة، وأن الاستثمار الأمثل والأهم والأولى هو الاستثمار فى البشر تعليما وتدريبا وتوعية صحية ومعرفية.

إن التعليم الجيد يُمكن أن يُغير كل شىء حولنا. وفى كل تجربة تنمية دولية إشارة واضحة لما يُمكن أن يحققه التركيز على تحسين التعليم وتطويره من آثار على المجتمع كله.

وسلامٌ على نوابغ مصر أينما كانوا.

وسلامٌ على الأمة المصرية.