عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

عاد العنف الأسرى والمجتمعى ليطل بوجهه القبيح على المجتمع المصرى مرة أخرى، حيث تتوالى حوادث العنف والقتل والانتحار. «السوشيال ميديا» أضافت أيضاً أنماطًا جديدة ومستحدثة للجرائم، حيث أصبح الفضاء الإلكترونى قناة رئيسية لجرائم عصرية تهدد القيم المجتمعية المصرية. وهو ما يؤشر لزيادة وشيوع هذا النمط من الجرائم كنتيجة مباشرة للتراجع القيمى والأخلاقى والثقافى فى المجتمع المصرى.

زيادة معدل هذه الجرائم يدعو للعمل لتحليل هذه الجرائم وتفنيد أسبابها ومصادرها، وقياس آثارها التى هى بالطبع مهددة للأمن المجتمعى. هنا تبدو الحاجة ملحة للعودة إلى العلم والتخصص قبل الأمن، خاصة أن التركيز الأمنى منذ 2011 كان موجهًا للعنف الإجرامى الناتج عن انفلات ما بعد 2011، ثم العنف والتطرف الإرهابى ما بعد 2012/2013 وحتى تاريخه، وهى جهود وتحديات كبيرة لأجهزة الأمن.

مصر من أوائل الدول التى امتلكت «بيوت الخبرة» المتخصصة فى مجال بحوث الجريمة والمجتمع، من أبرز تلك المؤسسات المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أو ما يطلق عليه «معمل تحليل الجريمة» ليس هذا فقط بل وربطها بمصادرها وأسبابها المباشرة من المجتمع، حيث أنشئ المركز كمعهد قومى للبحوث الجنائية بالقانون رقم 632 لعام 1955 باعتباره هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية، واختص المعهد بشكل رئيسى في: البحث فى شئون الجريمة والعقاب، بما فى ذلك عوامل الجريمة والوقاية منها، وفى تعريفه على موقعه الإلكتروني؛ يشير المركز إلى أنه «يستهدف النهوض بالبحوث العلمية التى تتناول المسائل الاجتماعية المتصلة بسائر مقومات المجتمع، والمشكلات التى يعانى منها المجتمع المصرى؛ وذلك بغرض وضع الأسس اللازمة لسياسات اجتماعية رشيدة، والمساهمة فى عملية صنع هذه السياسات على أساس علمى سليم. وللمركز فى سبيل تحقيق أهدافه: إجراء البحوث والدراسات والإشراف عليها، تنظيم الدورات التدريبية، نشر البحوث والبيانات العلمية وتبادلها مع الجهات العلمية الأخرى، إبداء الرأى فى مشروعات القوانين الخاصة بالمسائل الاجتماعية والجنائية». وهو ما يعنى أن المركز يمتلك الــ (Know-how) أى معرفة كيفية القيام بشيء ما بسلاسة وكفاءة، ومؤهل لمواجهة مثل هذا النوع من الجرائم.

الآن حان دور العلم والتخصص ليتصدر الواجهة ويقوم بدوره فى توعية المجتمع وإرشاده، وتقوية مناعته الأخلاقية والنفسية فى مواجهة اختراقات «السوشيال ميديا» وما تحمله من ظواهر وقيم غريبة ومختلفة عن المجتمع، لذلك فالإعلام المصرى مدعو إلى زيادة المساحة الإعلامية لمتخصصى المركز وأساتذته، عوضًا عن هؤلاء غير المؤهلين الذين يطلون علينا على مدار الساعة على أنهم «مدربو تنمية بشرية»، و«لايف كوتشينج–Life Coaching» وكل هذه المسميات التى أصبحت مهنة من لا مهنة له.

كذلك لا بد من زيادة المساحة المخصصة لندوات المركز والاستفادة الكاملة من طاقاته وإمكانياته، فى المدارس والجامعات، مراكز الشباب والأندية، وكذلك دور العبادة، خاصة أن المجلس يتبع بصفة مباشرة ويرأس مجلس إدارته بنص القانون وزير التضامن الاجتماعى، بما يعنى الاتصال المباشر بدائرة صنع القرار والتى من المهم لها استقرار المجتمع وأمنه.

نحن فى حاجة شديدة لأن نفهم ماذا حدث لمجتمعاتنا، وكنت أتمنى أن يكون هناك عمل وبحث علمى كبير وجاد تشترك فيه المراكز المتخصصة تحت إشراف مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، لتشريح العقل والشخصية المصرية والعربية والتغيرات التى طرأت عليها خاصة ما بعد أحداث الربيع العربى، والشوائب التى علقت نتاج ذلك بمجتمعاتنا، وتجسدت فى حالة التردى الأخلاقى والمجتمعى. ونعم بالعلم والعمل ترتقى الأمم.