رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى روايته الشهيرة «شىء من الخوف» والتى تحولت إلى فيلم فى عام 1969 ناقش الأديب والكاتب ثروت أباظة قضية فى قمة الخطورة من الناحية السياسية والاجتماعية عن علاقة الحكم بالمحكوم والحب بالخوف متمثلاً فى شخصيتى عتريس وفؤادة واللذين كانا فى الطفولة يجمع بينهما الحب الود والصفاء والنقاء إلى أن تحول عتريس من البراءة إلى التحكم والسلطة ونشر فى ربوع القرية التى ترمز إلى مصر الوطن نشر الخوف والرعب باسم السلطة وباسم الحكم فعطشت الأرض وجفت ينابيع المياه والحياة إلى أن جاءت فؤادة الفلاحة المصرية الجميلة التى تملك الحب فى عينيها وقلبها.. ذلك الحب للأرض وللوطن وللحياة ولأهلها وذويها فتقرر فؤادة أن تفتح هاويس المياه ليتدفق شريان الحياة وتروى الأرض وتقف فى وجه عتريس ورجاله وسلطته وجبروت وتنتهى الرواية والفيلم فى مشهد رائع عن خروج أهل القرية رافضين الزواج القسرى والقهرى بين الخوف وبين الحب فانهما لا يمكن أن يجتمعا على أرض طيبة وكانت رسالة العمل الأدبى فى عصر حكم عبدالناصر وفى شدة سطوة ذلك الحكم الذى وأد الكثير من الحريات باسم القومية وأمن وسلامة الوطن فانتهى عصر الأحزاب وانتهى عصر المعارضة وتحول الكثير من المثقفين والسياسيين إلى الهجرة الداخلية أو الخارجية بعد أن كان الخوف ملازمًا للجميع.

ونحن بعد ثورتين أصبحنا فى مفترق طرق إما أن نسلك طريق الخوف وإما أن نملك الحب والعطاء لهذا الوطن مع حرية الفكر والتعبير وفق قواعد وضوابط الدستور والقانون الذى يحكم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وبين السلطات ويفصل بينها فيما لا يخل بأى سلطة ولا يقوم سلطة أو يمنعها صلاحيات سلطة أخرى.. ومازال الشعب المصرى ينتظر دورًا أكثر ايجابية لمجلس النواب الجديد بالاستثمار والاقتصاد والصناعة والزراعة والتعليم وقانون الخدمة المدنية والمحليات لأن تلك القضايا تمس المواطن المصرى وتؤرق حياته ولا يمكن أن نغفل فى ظل هذه الفوضى الأعلامية القانون المنظم  للأعلام من حيث ضرورة وجود هيئة مستقلة لها صلاحيات وقوانين تتبع الدستور ولا تعارضه وأيضًا تضبط ذلك إلايقاع المنفلت للإعلام سواء المرئى أو الالكترونى وهو إعلام مواز وبديل وأصبح له قوة تأثير أقرى إلى حد كبير من الحكومة ومن الدستور لدرجة أن وزير يتم اقالته لأن شبكات التواصل الاجتماعى تناولته بالإساءة وتم تفعيل قانون جديد يسمى إزدراء الأديان ضده بالرغم من أن العديد من المصريين فى شوارع المحروسة وقراها يتجاوزون يوميًا تجاه الدين بالسباب واللعان ولكن لا يمكن أن يطبق عليهم أى قانون أما إذا أخطأ مسئول أو وزير أو أعلامى أو كاتب فإن الاعلام الالكترونى كفيل بأسقاطه وتنحيته عن منصبه وسلبه حريته ورفع دعاوى قضائية تجاهه كما حدث مع هذا الرجل الذى أساء وأخطأ فى نساء صعيد مصر وتم رفع قضية ضده وصدور قانون بحبسه ثلاث سنوات وفى ذات الوقت نترك منتجًا شهيرًا يفسد العقول والقلوب والذوق واللسان والبصر والبصيرة فى أفلام هابطة تسىء ليل نهار إلى نساء مصر وبناتها وأيضا رجالها ولم نجد سرعة فى رفع قضايا ضده تمنعه من تدمير الشباب والإساءة إلى الأسرة والمرأة المصرية وهى ازدواجية معايير غير مفهومة أو مقبولة.

وعلى ذات السياق نجد أن اقالة الوزير لها أسباب أخرى لم ولن يتم الإفصاح عنها وإنما هى زلة اللسان التى أودت بتاريخه السياسى كما كانت مقابلة عكاشة للسفير الإسرائيلى هى الفيصل فى إنهاء علاقته بالاعلام وبالبرلمان وإذا كان رئيس الجمهورية يدعو إلى احترام القانون والدستور وتجديد لغة الخطاب الدينى فكيف لمؤسسات الدولة ألا تستجيب وكيف للحكومة أو البرلمان أو الأزهر إلا ينصت ويعمل من أجل إعلاء قيم التسامح وحرية الرأى والتعبير.. فإذا كان إسلام بحيرى وفاطمة ناعوت تم حبسهما بتهمة إزدراء الأديان وإقالة وزير عدل بذات التهمة وكذلك كاتب احتوت روايته على ما يخدش الحياء وإعلامى برلمانى اسقطت عضويته للتطبيع وأن الدستور الذى تم الاستفتاء عليه فى مأزق وقناعة الشباب والمصريين الذين استفتوا عليه أصبحت على المحك مثيرة للجدل والقلق.

من الممكن اقالة وزير لأسباب سياسية تعلنها الحكومة ومن المفترض اسقاط عضوية برلمانى لأسباب اجرائية تعلن للناس وأيضًا من المفترض أن نواجه الفكر بالفكر والكلمة بالكلمة وأن يتم مقاضاة من يتجاوز فى حق الشعب والسلوك العام كما تتم مقاضاة ومحاسبة كل من يسىء إلى الوطن ويدمر شبابه سواء باسم الفن أو الدين أو السياسة.. المعيار فى الحكم هو الدستور ومواده وتطبيقه على الجميع سواسية حيث إن العدل هو أساس الملك والشفافية هى النبراس والصباح الذى ينير طريق الحاكم والمحكوم وقضية الخطاب الدين وعلاقتها بإزدراء الأديان مع علاقتها بالتطرف والتعصب والفتنة الطائفية، وقيم عدم التسامح والحريات التى كفلها الدين والدستور كل هذا يضع الدولة فى معضلة وفى مشكلة لا يمكن التغافل عنها وأن كان الكثير من الكتاب والمثقفين قد بدأ يتملكهم الخوف من حرية التعبير والقدرة على البوح والكشف والتنوير الذى قد يفسر ضدهم وقد يتم استغلاله لحرقهم معنويًا ومقاضتهم فى المحاكم ثم يصل الأمر إلى السجن والحبس باسم القانون ووفق القضاء.

على الدولة أن تعطى المثل والقدوة وتمنح الشباب الأمل فى إعلاء قيمة الانتماء للوطن ومعنى الديمقراطية والحرية فإذا كان هناك قانون يمنع التظاهر حبس على أثره العديد من الشباب فإن ما فعله سائقو التاكسى الأبيض فى قطعهم للطريق وتظاهرهم الفج العنيف المخيف مع سكوت الداخلية وعدم تطبيق نصوص قانون التظاهر يكمل دائرة الخوف إزدواجية المعايير فى قاموس الحكومة والسلطة التنفيذية ويضع علامات استفهام حول دور مجلس النواب الذى التزم الصمت المريب ولم يحرك ساكنًا لقضايا مثيرة بداخل الدولة والشارع المصرى واكتفى بدور تطبيق اللوائح الداخلية والتصديق على القوانين السابقة والسفر والاجازة ومناقشة المكافآت والنادى الاجتماعى للأعضاء.

عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء حتى وأن عادت العربة إلى الخلف.. الخوف والحب لا يجتمعان وإنما العدل الحب يصلحان الميزان ويرويان الأرض العطش للاستقرار والأمان والحرية.