عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

أصبحنا نتحدث عن بشاعة الحب، ونتساءل لماذا تتحول الوردة التى يتبادلها المحبون إلى سكين تخفيه الحبيبة أو يخفيه الحبيب بين طيات الملابس لإنهاء علاقة حب بدأت بكلام رومانسى مثل أحبك عدد طلات القمر، وعدد حبات المطر، وعدد ليالى السحر، وعدد أوراق الشجر، وعدد أنفاس البشر.

لماذا لا ننقذ الحب قبل أن يتحوّل إلى مرض يصعب علاجه، ويبحث كل طرف عن جريمة لحل مشكلته العاطفية، ويتم استخدام العنف بدلًا من لغة الكلام والتفاهم.

لماذا أصبحت كلمة الحب مرتبطة بالموت، مثلاً يقول أحدهما بأحبك موت، وهل الحب امتلاك، والمفترض أن يستمر دون رغبة الطرف الآخر، هل يمرض الحب ويموت، أم يموت المحب نفسه، حتى عيد الحب الذى يحتفل به العالم يوم 14 فبراير من كل عام بدأ بجريمة وتحوّل إلى مناسبة يتم الاحتفال بها كل عام باسم الحب، فعندما أصدر الإمبراطور الرومانى «كلوديوس الثانى» فى القرن الثانى الميلادى أمره بمنع زواج الشباب ظناً منه أن هذا القرار من شأنه أن يصرف الشباب للالتحاق بالجيش، وأن يبلوا بلاء حسناً فى الحروب، رفض أحد القساوسة الأمر ويدعى «فالانتين» وكان يقوم بتزويج الشباب سراً، وعندما علم الإمبراطور بذلك أمر باعتقال القسيس «فالانتين» وزج به فى السجن، ولكن كان الحب أقوى من قرار الإمبراطور، فحدث أن أحب القسيس فالانتين ابنة سجانه الكفيفة، فتزوج بها وساعدها على الشفاء من مرضها، فتم تنفيذ حكم الإعدام فيه يوم الرابع عشر من فبراير عام 269 ميلادياً مودعاً زوجته بأول بطاقة لعيد الحب، قال فيها «من المخلص لك فالانتين» ومنذ ذلك الوقت أصبح هذا اليوم عيداً عالمياً للعشاق يتبادلون فيه الهدايا من الرسائل والورود باعتبارها الأقرب للقلوب.

وثمة رواية أخرى قديمة تحدثت عن تفضيل المحب الموت عن وفاة الحب.

 فى أحد الأيام بينما كان عبدالملك الأصمعى أحد أئمة الشعر يمر على طريق فى البصرة، وجد صخرة كبيرة منقوشاً عليها بيت من الشعر فاستوقفه الأمر، وبدأ يقرأ هذا البيت، فوجد مكتوباً: «يا معشر العشاق بالله خبروا إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع.. وفيه يطلب العاشق من معشر العشاق الذين سبقوه بالتجربة ماذا يفعل إذا حل به العشق، فقرر الأصمعى أن يرد على الشاب المولع بالهوى من خلال النقش على نفس الصخرة بيت شعر آخر.

وقال: «يدارى هواه ثم يكتم سره ويخشع فى كل الأمور ويخضع» وفيه ينصح الأصمعى الشاب بأن يتمالك نفسه ويربط قلبه ويكتم سره حتى يستطيع الحياة.

وفى اليوم التالى مر الأصمعى من نفس الطريق وألقى نظرة على نفس الصخرة، فوجد أن الشاب قد رد على كلماته ببيت شعر آخر يطلب منه النصيحة ويتحسر على قلبه الذى تقطعت أوصاله من الهوى والعشق فقال: «وكيف يدارى والهوى قاتل الفتى ومن كان قلبه يتقطع». وهناك يئس الأصمعى من نصيحة هذا الفتى الذى قد أعياه الحب، ولا يعرف كيف يكتم هذا الحب وهو يشعر بالضياع وبالألم، فنصحه الأصمعى بأنه إذا لم تستطع الصبر والكتمان لحبك فليس أمامك سوى الموت الذى قد يريحك من هذا الألم وينفعك، وكتب له ذلك على الصخرة فى بيت الشعر التالى:

«إذا لم يجد الفتى صبراً لكتمان أمره فليس شىء سوى الموت ينفع» وكأن كلمات الأصمعى وقعت كالسهم فى قلب ذلك الشاب كالرامى الذى أحكم رميته، وفى اليوم التالى مر الأصمعى من نفس الطريق ليرى ما هو رد الفتى على هذا البيت الذى تركه له، فوجد أن الفتى قد قتل نفسه بجوار الصخرة أخذاً بنصيحة الأصمعى، وقد كتب له آخر ما كتب من الكلام والشعر يبلغه أنه قد سمع نصيحته وأطاعه ويطلب منه أن يبلغ سلامه لكل العاشقين الذين منعوا وصال أحبتهم قائلاً: «سمعنا وأطعنا ثم متنا فبلغوا سلامى إلى من كان للوصل يمنع» هنيئاً لأرباب النعيم نعيمهم وللعاشق المسكين ما يتجرع».

وبهذه الكلمات أنهى هذا الشاب حياته التى لم يذق فيها سوى مرار الهجر والحرمان، فقرر أن يتركها لينعم بها من ينعم ويهنأ ويواسى فيها من يتألم مثله ويتجرع من كأس العشق فما كان من الأصمعى إلا أن قال مقولته الشهيرة «ومن الحب ما قتل».

ما يحدث هذه الأيام من جرائم باسم الحب لا علاقة للحب به، الأمر يتطلب دراسات نفسية لعلاج أوهام الحب وحب التملك، الحب علاقة صحية بين طرفين، فإذا ملها طرف فلا بد أن يستجيب له الطرف الآخر ويتمنى له السعادة، أما إنهاء الحب بالسواطير فهذه لغة مجرمين لم يدخل الحب قلوبهم، وحسابهم أمام القضاء، وعلاجهم فى يد المجتمع الذى لابد أن يفوق للميديا التى احتلت عقول الشباب، وسيطرت على أخلاقهم وحولتها إلى الأنانية وجعلت لديهم الحب مثل أى شىء يحق لهم امتلاكه، هو حب إجرام وبطلجة وعدم تربية تحتاج إلى مواجهة سريعة لعلاج المشوهين خلقياً.