رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

انتهت زيارة ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان للقاهرة، بعد مباحثات ولقاءات مثمرة مع الرئيس عبدالفتاح السيسى وكبار المسئولين المصريين؛ الزيارة جاءت فى إطار ما يطلق عليه إعادة الهندسة الجيوسياسية للمنطقة ولإقليم الشرق الأوسط. حيث جاءت الزيارة فى إطار الترتيبات الإقليمية لزيارة الرئيس الأمريكى المرتقبة منتصف يوليو القادم والتى يلتقى فيها برؤساء وقيادات المنطقة العربية خلال زيارته المنتظرة للعاصمة السعودية الرياض.

زيارة ولى العهد السعودى للقاهرة؛ جاءت فى إطار شمولية العلاقات المصرية السعودية لكافة أوجه التعاون واستراتيجيتها، سياسياً، اقتصادياً، وعسكرياً وأمنياً؛ على مستوى الجغرافية السياسية؛ فمصر والسعودية هما ركائز المنطقة العربية وإقليم الشرق الأوسط بأكمله ومركز ثقله، وفى ضوء التحولات العالمية الجديدة واتجاه العالم نحو «التعددية القطبية» فى ضوء التراجع الأمريكى لصالح فواعل وأقطاب دولية أخرى مثل: روسيا، والصين. يصبح التنسيق والتعاون بين ركيزتى المنطقة ضرورة ملحة. خاصة وأن العالم يتجه للمنطقة لتأمين احتياجاته من إمدادات الطاقة والغاز فى ظل استمرار الأزمة الروسية الأوكرانية، وها هو الاتحاد الأوروبى يُعلن الموافقة على وثيقة «العلاقات الاستراتيجية» مع دول الخليج، فى اجتماعه الأخير بلوكسمبورج. حيث الوثيقة الأوروبية أشارت إلى أن «الشراكة القوية بين الاتحاد الأوروبى ودول مجلس التعاون الخليجى تعد ضرورية أيضًا فى سياق أمن الطاقة والتحول الأخضر؛ عالميًا وفى مناطقنا»، ومصر الآن أحد مراكز القوى الإقليمية فى إنتاج الغاز، لذلك فنحن لسنا بمعزل عن هذه الترتيبات الجديدة التى تأتى خارج سياق ومحددات القطب الأمريكى المتراجع.

فى سياق التحولات السياسية أيضاً عالمياً وإقليمياً فإن التنسيق المصرى السعودى له دلالة استراتيجية مهمة فيما يتعلق بأمن البحر الأحمر ومنطقة القرن الأفريقى بأكملها لتأمين مسار إمدادات الطاقة والغذاء للعالم؛ إذ إن التحولات الجيوسياسية على منطقتى القرن الإفريقى والبحر الأحمر، والتى سمحت فى بداية القرن الماضى لأن تتحول منطقة القرن الأفريقى ساحة تفاعل واسعة للقوى الإقليمية والدولية الحليف منها والمعادي، فهناك حضور قوى وفاعل لكل من: الولايات المتحدة الأمريكية، إيران،  قطر، الصين، تركيا، وإثيوبيا، وكذلك إسرائيل، كما مثلت الاكتشافات النفطية الكبيرة فى المنطقة محدداً استراتيجياً جديداً ومهماً فى إطار التنافس الدولى فى المنطقة. وهو ما يستدعى يقظة وتنسيقا دائما لمواجهة ما قد ينشأ من مهددات فى هذا السياق.

اقتصادياً؛ وتحت وطأة الأزمة الاقتصادية العالمية التى طالت وتأثر بها جميع الدول دون استثناء، فإن التكامل الاقتصادى المصرى السعودى على وجه الخصوص والتكامل الاقتصادى العربى عامة يجب أن يبقى له حضوره الفاعل؛ الدليل الأبرز فى هذا الإطار ارتفاع قيمة التبادل التجارى بين مصر والسعودية لتصل إلى 9.1 مليار دولار خلال عام 2021 مقابل 5.6 مليار دولار خلال عام 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 62.1 %. وفى إطار الزيارة الأخيرة تم توقيع اتفاقيات تعاون ثنائية بقيمة 8.8 مليار دولار فى إطار خطة ممتدة للتعاون الاقتصادى تصل إلى نحو 30 مليار دولار.

الزيارة السعودية وما سبقها من لقاء للرئيس السيسى مع العاهل البحرينى وملك الأردن، وما تبعها من زيارة ولى العهد السعودى لتركيا، وقبل ذلك كله عودة قطر والعراق للمنظومة العربية الخليجية مرة أخرى، جميعها ترتيبات تؤكد التحولات فيما يتعلق بإعادة تشكيل والهندسة السياسية للمنطقة بأكملها فى إطار التحول الأكبر على مستوى القوى والمصالح العالمية. لذلك يشكل التلاقى المصرى السعودى ركيزة أساسية فى ظل هذه التحولات؛ ليس فقط لعمق العلاقات مابين القاهرة والرياض، لكن لأهمية المواقف والتوجهات المصرية السعودية فى مواجهة التحديات والمهددات الإقليمية والعالمية.