الديوان الأول

لا تزال فرحتى بصدور ديوانى الأول تعيش معى حتى الآن، وكيف كان الاحتفاء به وفرحتى وأنا أقابل كبار الأدباء والشعراء والنقاد وكيف أحاورهم بثقة لم أكن أملكها قبل اصدار الديوان. مازلت أتذكر ترحيب استاذتى الناقدة الكبيرة فريدة النقاش بجريدة الاهالى.. وكم شجعتنى حينما نشرت ثلاث قصائد بالجريدة. وكتب عنى الراحل العظيم الشاعر حلمى سالم نقدًا جادًا أفادنى وشجعنى ونشر لى الشاعر الكبير فاروق جويدة خبرًا بالأهرام ونشر قصيدة من الديوان.

أما المفكر الكبير الدكتور لويس عوض، فقد رحب بى وأعطانى عشرين جنيها وكنت فى حاله خجل وإحراج، فقال لى: أعطنى نسخا من الديوان مقابل العشرين جنيها لأوزعها على الأصدقاء ليعرفوا ماذا يكتب الشباب.

اليوم استقبل أربعة دواوين شعرية هى الإصدار الأول لهم. ديوان (تصبح على خير) للشاعرة الشابة إيناس السيد وهى حاصلة على لقب فارسة الإبداع العربى من خلال مسابقة أدبية.

تتميز لغة ايناس السيد برومانسية إلى جانب حس واقعى ويربط هذين الضدين الاحساس الداخلى الذى يتصاعد من قصيدة إلى أخرى، ولكنى لاحظت غياب الرؤية النقدية للمجتمع، فهى تكتب بمعزل عن مشاكلنا الحياتية بجرأة غريبة متناسية زيادة حدة التناقضات العالمية التى تترك آثارها سريعا على حياتنا اليومية، ومعها تتصاعد حدة التشوه الإنسانى - بفعل تلك التناقضات من جهة والحروب والصراعات الخارجية.

ولا أقصد ان أجبر يد الشاعرة لتكتب لونًا آخر غير ما تكتب.. ولكنى أريد ان تكون قصائدها متفاعلة مع نبض الجماهير.. ديوان إيناس السيد الأول نجح فى انبات نماذج مميزة تجعلنى واثقا انها ليست صوتا لمبدع آخر.

من أجواء الديوان: إذا اشتقت إلى السفر.. والبعد لآخر الدنيا.. إذا اعجبتك صور تمنيت العيش داخلها. واحببت تراقب القمر. من محاق لفتاة يشبهها وشمس ما بعد الفجر.

أما (البحث عن ملاذ) فهو الديوان الأول للشاعر أحمد بهاء.. هو مجموعة قصائد حب رقيقة يقول فى احداها: حبك ينمو فى خلايا دمى وفى كيانى وفى ضميرى.. ينقص هذا الشاعر قراءة واسعة لقصائد الحب للكبار مثل شعراء المهجر وعمر أبو ريشة ونزار قبانى.

والديوان الثالث (انات) للشاعر طارق العلى.. هو عبارة عن مرثية طويلة لوالده فيها الكثير من الواقعية، ولكن تفتقد إلى العمق.

 والديوان الرابع للشاعر مهدى فرج وعنوانه شديد الغرابة (ذاكرة الجحيم). قصائد انسانية بعضها ثورى يميل للعنف والآخر أغلبه قصائد حب.

من خلال هذه الملامح نستطيع القول، ان كينونة الشعر فى مصر والأقطار العربية لا تزال حية، تنجب وتثمر وتعطى ثراء برغم سطوة جبروت الصراعات والانقسامات والحروب. وبرغم أيضًا محاولات الرواية الحديثة الاطاحة بكل الفنون والآداب الأخرى.

Nader nashed [email protected] gmail. Com