عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

النزاع المصرى الإثيوبى حول سد النهضة ليس خلافاً سياسياً ناجماً عن توتر العلاقات السياسية، فتلك العلاقات، والعلاقات الشخصية بين القيادتين فى البلدين ممتازة. كما أن الخلاف بينهما ليس كما تقول إثيوبيا بسبب إصرار مصر على فرض الهيمنة المائية على إثيوبيا ونهب مواردها المائية، كما زعمت إثيوبيا أنها تتحرر من هيمنة مصر واستغلالها لمياهها بحيث تخصص هذه المياه لتنمية البلاد وتحسين معيشة الشعب الإثيوبى.

وهكذا صورت مصر من جانت الحكومة الإثيوبية فى صورة سلبية توجتها الاتهامات الفارغة الأخرى بأن مصر تتلاعب بوحدة إثيوبيا، بعد أن كانت سبباً فى فقرها وشقائها، وكما أن المصريين التفوا حول جمال عبدالناصر ضد المؤامرة الأمريكية فى السد العالى، قدمت الحكومة الإثيوبية سد النهضة على أنه المشروع القومى التنموى التحررى للشعب الإثيوبى والنزاع ببساطة هو حول إصرار مصر على احترام إثيوبيا لحقوقها القانونية المائية سواء فى ترسانة المعاهدات التى تستند إليها هذه الحقوق أو فى قواعد القانون الدولى للمياه، يقابل هذا الإصرار المصرى إصرار إثيوبيا على انتهاك الأسس القانونية لحقوق مصر، وكذلك انتهاك جميع قواعد القانون الدولى للمياه وتقديم مفاهيم مخالفة تماماً لهذا القانون بما فى ذلك تفسير إثيوبى غريب لإعلان الخرطوم للمبادئ الحاكمة والهادية للمفاوضات التى تهدف إلى إبرام معاهدات دولية ملزمة منصفة.

وهذه المقالة هى بداية سلسلة من المقالات التى تهدف إلى تقديم حقائق الموقف المصرى والإثيوبى وبيان أوجه الخلاف بينهما ولماذا فشلت محاولات التسوية كما فشلت المفاوضات حتى الآن؟.

ونظراً لمحدودية المساحة المخصصة للمقالات فإننا نكتفى فى هذه المقالة بالتأكيد على عدة حقائق على أن نفصلها فى المقالات اللاحقة، تحقيقا لرغبة القيادة السياسية فى توعية الشعب المصرى وتقييمه الواعى لموقف الحكومة المصرية وإعانتها على تلمس الطريق الصحيح ما دامت المشكلة تتعلق بمكانة مصر الاقليمية ومستقبل وجودها على الخريطة.

الحقيقة الأولى: أن تسوية النزاع يجب أن يكون سلمياً أخوياً وأن الماء مصدر الحياة وأن كمية المياه تكفى كل دول الحوض إن احترمت القواعد القانونية والأخلاقية. وسوف نوضح أن الحل ممكن بشروط تتعلق بموقف مصر الرسمى والإعلامى وموقف الاتحاد الإفريقى والأمم المتحدة وكذلك إثيوبيا.

الحقيقة الثانية أن العلاقات الدولية تشهد تحالفات جديدة حول الأنهار الدولية التى تنبع فى دولة وتصب فى دولة أخرى، وأن عدد الأنهار الدولية 263 نهراً دولياً، مقابل آلاف الأنهار المحلية والبحيرات، وأن هذه الأنهار تمر فى أقل من نصف دول العالم (40% فقط).

الحقيقة الثالثة أن تغير المناخ نقل مصر من العصر المطير إلى الجفاف، فاعتمدت بشكل مطلق على نهر النيل وليس لدى مصر أى بدائل وقد لاحظنا أن المياه المالحة والعذبة مصدرها الأمطار مع اختلاف الأوعية وأن مجموع المياه العذبة تكفى كل سكان الأرض فى أية لحظة، ولكن المشكلة هى فى توزيع الأنهار والأطماع السياسية ودخول المياه إلى حلبة الصراعات الدولية خاصة فى الدول النامية حتى إن كتاب الغرب يبشرون بحروب المياه منذ الستينيات من القرن الماضى.

الحقيقة الرابعة أن النزاع المصرى الإثيوبى هو بين دولة منبع ودولة مصب ولا مقارنة بين موارد المياه المتاحة لإثيوبيا ونهر النيل المصدر الوحيد للحياة فى مصر، وأن فقر إثيوبيا ليس راجعاً إلى مصر كما تزعم الحكومة وإنما هو راجع إلى أسباب أخرى مصر منها براء على التفصيل الذى نقدمه فى المقالات التالية.

الحقيقة الخامسة: أن التسوية الودية للنزاع تتطلب أن إثيوبيا تحترم القانون الدولى وإلا تضل إفريقيا كلها طريقها إلى النظام الدولى الجديد، كما أن تعثر التسوية السلمية يفتح الباب لوسائل أخرى إفريقيا فى غنى عنها.