عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

إن الله سبحانه وتعالى أمر بالإصلاح وأثنى على المصلحين، ونهى عن الفساد وذم المفسدين.. فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِى الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} (النحل: 90)

و جعل سبحانه نشر الصلاح والإصلاح، ومقاومة الفساد والإفساد سببًا فى دفع العقوبات، وحلول البركات، فقال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} (هود: 117). وتتابعت شرائع النبيين عليهم السلام تسعى بكل أنواع الإصلاح، وتحارب الفساد فى كل مجالاته فقال تعال: {وَلَا تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا} (الأعراف: 56).

واجتمعت كلمة أنبياء الله تعالى عليهم السلام لأقوامهم على قولهم كما قال تعالى {وَلَا تَعْثَوْا فِى الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (البقرة: 60) والعلاقة بين الصلاح والإصلاح أكيدة ولا ينفصلان عن بعضهما البعض، وإلاّ فما الفائدة من الصالحين؟

وقد ورد فى الأثر عن سُفيان بن عيينة عن سُفيان بن سعيد عن مِسْعَر قال: بَلَغَنِى أنَّ مَلَكًا أُمِر أن يَخْسِف بِقَرْيَة، فقال: يا رَبّ فيها فُلان العَابِد، فأوْحَى الله تعالى إليه أن بِـه فَابْـدَأ، فإنه لَم يَتَمَعَّر وَجْهُه فيَّ سَاعَة قَط.

وقال مالك بن دينار: إن الله عز وجل أمَرَ بِقَرْيَة أن تُعَذَّب، فَضَجَّتِ الْمَلائكَة، قالت: إنَّ فِيهم عَبدك فُلانا. قال: أسْمِعُونِى ضَجِيجَه، فإنَّ وَجْهَه لَم يَتَمَعَّر غَضَبًا لِمَحَارِمِى) (هو صالح فى نفسه لكنه ليس مصلحا).

فإن الأمم المنتصرة على أعدائها، أمم حققت نصرًا داخليًا أولاً، وحقق كل واحد من أبنائها نصرًا على الصعيد الشخصى من خلال تغييره ما فى نفسه.

وإن الاهتمام بإصلاح الدنيا من شيمة المؤمن: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} (الأنبياء: 105)

ومهمة الصالحين هى العناية بالأرض والعمل على استقامة الحياة البشرية وأن يكون زمامها بيد الصالحين المصلحين، وكما يكونون ورثة (الفردوس) فى الآخرة، لابد وأن يكونوا ورثة الأرض، فهل من الممكن أن يكونوا وارثين مكفوفى الأيدي؟. لا طبعا.

والصلاح والإصلاح: ضد الفساد ونقيضه، وهى مصطلحات شرعية ربانيَّة، أوْرَدَها الله تعالى فى كتابه المحكَم العزيز، وجاءتْ فى القرآن على نحو كبيرٍ يربو على السبعين بعد المائة من آيات القرآن.. فعلى سبيل المثال لا الحصر.

وواقع المسلمين اليوم يُنبئ عن وجود حاجةٍ وضرورة ماسة وملحة إلى الإصلاح الشامل، حيث تتجاذب الاتجاهات والأفكار، وغيرها إلى ميدان الإصلاح، وكل اتجاه يحسب أنه المصلح لهذه الأمة حتى تاهت الأمة، وضاعت معالمها، ولكى نصلح من حال أمتنا لابد من التعرف على منهج الأنبياء والرسل فى الإصلاح ومكافحة الفساد.

فلقد بعث الله الأنبياء والمرسلين لتحقيق المصالح العامّة للخلق؛ قال تعالى على لسان نبيه شعيب عليه السلام: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} فبعثة الأنبياء موجزها وملخصها وغايتها النهائية: تحقيق المصلحة العامّة للبشريّة جمعاء، وبهذا أمر نبى الله موسى عليه السلام أخاه هارون عليه السلام حين استخلفه على قومه فى غيابه، فقال له: {اخْلُفْنِى فِى قَوْمِى وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ}. ومن هذا المنطلق يأتى الحديث هنا حول مفهوم المصلحة عامة وخاصة، وأسباب الحديث عن تقديم المصالح العامة والحرص عليها، وبيان ملامح منهج الأنبياء فى تحقيق المصالح باختلاف أنواعها. وللحديث بقية إن شاء الله.

--

أستاذ التأمين ووكيل كلية التجارة جامعة بنى سويف السابق

عضو الهيئة العليا للحزب