رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

فى بدايات التسعنييات الماضية، بدأ المؤرخ الدكتور «يونان لبيب رزق» فى نشر صفحة أسبوعية فى جريدة «الأهرام» تحت عنوان « الأهرام.. ديوان الحياة المعاصرة». كانت الصفحة تجربة فريدة ورائدة فى  مجال الكتابة التاريخية، التى  تستقى مادتها من الصحف القديمة، وترصد الحياة الاجتماعية والفنية والسياسية والقضايا الوطنية التى كانت سائدة ومحل اهتمام من يكتبون ومن يقرأون ومن يَحكمون، بفتح الياء، ويُحكمون، بضمها، منذ أن أسس الأخوان الشاميان بشارة وسيلم تقلا صحيفة الأهرام كإصدار أسبوعى من مدينة الإسكندرية، ثم انتقالها للقاهرة وتحويلها لصحيفة يومية، ليصدر عددها  اليومى الأول فى 5 أغسطس عام 1876. 

وعبر 15عاما من بدء نشر هذه الصفحة، صدر تحت عنوانها 17 مجلدا تحوى بانوراما مجسدة لحياة المصريين منذ الثلث الأخير للقرن التاسع عشر، وحتى رحيل دكتور يونان عام 2008. دونت تلك المجلدات سجلا تحفظ صفحاته للمصريين ذاكرتهم التاريخية  المهمشة، وتغريهم بعقد المقارنات بين أحداث التاريخ، والتعلم من انتصارته وهزائمه، ومحو الأمية الثقافية والمعرفية بتاريخ وطنهم، بأسلوب سهل يحفل بالتشويق والبراعة فى التعبير وفى اختيار عناوين القضايا التى يطرحها للقارئ العام قبل المتخصص.  

ومن بين القضايا التى طرحها «الديوان»: الإنجليز يبيعون مصر، مدرسة قصر العينى الطبية، حادثة مأمور البدارى، طه حسين ومعركة استقلال الجامعة، المرأة المصرية بين السفوريين والحجابيين، جمعية أنصار التعليم، الوعد الباطل، المحاكم والأحكام، فن العمارة العربية.. الخ. 

ديوان آخر للحياة المعاصرة، عثرت عليه  حين وقع فى يدى على سبيل الصدفة، مجلد لمجلة الكواكب الأسبوعية التى كانت تباع بخمسة مليمات، يعود تاريخه إلى الأعداد الأولى لصدورها عام 1932، فحاولت أن أكتشف بمنهج دكتور يونان شكل تلك الحياة المعاصرة وأذواقها وأزياءها واهتماماتها، عبر عالم الفن والغناء والمسرح والسينما فى مصر، وفى العالم، فى الثلث الأول من القرن العشرين، عبر تصفح أعدادها، وهو تراث مترع بتنوع المواهب والمدارس الفنية والانجازات وصور المعمار والسلع  والشخصيات التى صنعت  تارخ مصر الفنى، ولا نزال نعيش على فيضه حتى زماننا هذا.  

وفى ديوان الكواكب  للحياة المعاصرة، نعلم أن محمد عبدالوهاب بدأ حياته الفنية كممثل لا كمطرب، وانه لا يزال يتلقى دروسا فى الموسيقى على يد الشيخ درويش الحريرى، وأن المطربة نادرة الوافدة من الشام هى أول مطربة تظهر على الشاشة البيضاء فى فيلم انشودة الفؤاد، كما نقرأ أن هوليود كانت مجرد أرض قاحلة موحشة تمتد حتى ساحل المحيط الهادى، إلى أن وفد إليها عام  1911شقيقان من اسكوتلندا فأقاما معملا للتصوير، وبعد أشهر تأسست شركة يونيفرسال، ببناء كوخ خشبى لا سقف له ، كان هو الاستديو الأول لها، وهكذا نشأت هوليوود. ونقرأ اعلانات عن حديقة كازينو بديعة الذى يقدم رواية جديدة كل يوم، ومراهانات على سباق الخيل، والجولة التى قام بها الاستاذ يوسف وهبى وفرقة رمسيس فى الوجه البحرى لعرض مسرحية شارع عماد الدين. 

 سجل حافل بثروة من المعلومات والصور النادرة والروح الوثابة الساعية للنهوض والتقدم تملأ صفحات المجلد الأول من مجلة الكواكب الذى يعود تاريخه لتسعين عاما ماضية. ولم يكن  مستغربا عن الأيدى الغشومة الجاهلة  الممسوحة الذاكرة، التى تسرى كالهاموش فى ارجاء الوطن، تقطع الأشجار، وتدمر المبانى الأثرية، وتبيع شركات وقلاعا صناعية لأسباب تدعو للرثاء والبكاء، لم يكن  غريبا عليها أن تصدر قرارا، ممن لا يعرف، بإغلاق مجلة  الكواكب، أحد صروح القوة الناعمة المصرية. 

وكسة فى الفن والبيئة والحضارة والتاريخ.. إلهى تتوكسوا!