رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ضوء فى آخر النفق


ـ مايو ٢٠٢٢ كان شهرًا غريبًا بحق. بدأ بالهجوم الحاد على أمل دنقل، ولا أظن أن شاعرًا بتاريخه وموهبته بحاجة إلى تعريف.. ومن بعده طال الهجوم الرسام العبقرى أحمد حجازى.. وهو أحد علامات الكاريكاتير فى مؤسسة روزا اليوسف.. ثم طال الهجوم الروائية سلوى بكر وكاد البعض أن يهدر دمها لرأى قالته فى تربية الناشئة.. وانتهى الهجوم بنهش سيرة السيدة أم كلثوم، وأين؟ فى نقابة الكتاب! الدكتور حسن المغازى وهو اكاديمى وشاعر عروضى قاد المعركة التى لم تطل «دنقل» فقط، وانما كل رموز الشعر الحر (الشحر العر كما حلا للمغازى أن ينال منه ويغمزه شر غمزه!) فكان من بين «المغموزين» السياب ونازك وعبدالصبور وعبدالمعطى حجازى والماغوط وحتى العم الكبير لويس عوض أحد أبرز وأشهر النقاد فى مصر فى النصف الثانى من القرن العشرين. أثار المغازى موجة عارمة من الاستياء عندما صب جام ألفاظه الغاضبة على أمل وشعره، وخاصة درة تاجه «لاتصالح» التى يتغنى بها العرب فى كل مكان وليس فى مصر وحدها!
قال المغازى مستخدما قاموسه من الشتائم–لنقل إنها أدبية–بأن أمل دنقل سرق قصيدة «كليب» -الذى ربما يعرفه الناس بعد مقتله بطعنة رمح من «جساس».. والتى كانت شرارة حرب البسوس الطاحنة، وصاغ منها رائعته لاتصالح!
الدكتور مغازى، أستاذ النحو والصرف والعروض، قال إن قصيدة أمل (لاتصالح) من ثلاثين بيتا كتبها «الأمير كليب» بدمه على صخرة بإصبعه مغموسة فى دمه المتدفق من طعنة جساس، يوجه كل بيت فيها إلى أخيه المهلهل.
واستغل اللص الفاشل–يقصد أمل دنقل–هزيمتنا فى يونيو 67؛ ليبث فى الدهماء احتياجهم نفسيا إلى دلالتها بعد إفساده شكلها فى الشِّحْر العُر–يقصد الشعر الحر- الذى لا يحسن سواه. السؤال الذى يسأله عشاق الشعر ومحبوه هو: هل هذا الوصف (اللص الفاشل) من النقد فى شيء؟ ويزيدون: هل بعد كل هذا الاحتفاء الثقافى والجماهيرى بأمل دنقل وروائعه (البكاء بين يدى زرقاء اليمامة- الجنوبى أوراق الغرفة ٨ و..لاتصالح وغيرها من الدواوين)  يمكن أن يوصم شاعر مثله بهذا الوصف؟ لا بأس..هذا ممكن ولكن..يمكن فقط أن يحدث فى إطار ورشة عمل تضم نخبة أساتذة النحو الصرف والبلاغة والنقد والعروض.. فتقول رأيها فى اتهام د. المغازى.. أما نحن فلا يسعنا إلا القول بأنه وبعد مرور كل هذه السنوات على رحيل أمل دنقل فإن دواوينه وقصائده باقية منسوبة إليه، فيما لم يعرف أحد باسم الدكتور المغازى قبل هذه الواقعة!
-الرسام العبقرى أحمد حجازى الذى أحبه جميع من عرفه، وكان له مذاق فريد فى النقد والسخرية والرسومات الشبابية التى زينت مجلة صباح الخير لسنوات طويلة، اتهمت رسوماته من جانب البعض بأن رسوماته المتحررة كانت سببا فى ظهور التحرش! والحقيقة ان حجازى كان مبتكرًا ولماحا وريشته أنيقة ومعبرة عن أحوال المصريين سياسيًا واجتماعيًا ودينيا.. رسم بنات الجامعات ومفارقات الشارع وخناقات الأزواج وخفة دم المصريين فى المصايف، وسخر من نزاهة الانتخابات وأسماها «الحاجة نزيهة».. وأظننا نرتكب خطأ فادحا عندما نحكم على فنانى عصورنا الماضية بمعايير عصرنا الحالى بكل ما فيه من تطرف واستسهال وغرابة! وللحديث بقية.