رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

فى خضم أزمة اقتصادية خانقة تمر بها مصر والعالم، انفجرت ظاهرة «مستريحين أسوان»، ومن أسوان جنوباً إلى البحيرة والشرقية والجيزة والمنوفية شمالاً، قبلى وبحرى تتكشف حالات عن عديد «المستريحين» يومياً.

ظاهرة «المستريح» فى بر مصر تكشف عن ثلاث أزمات رئيسية، جميعها يتعلق بالمدرك والوعي. الأزمة الأولى ذات شقين: الأول؛  يتعلق بمدى المدرك العام لغالبية المصريين ووعيهم بصحيح الدين؛ وهى الثغرة الأولى التى ينفذ منها أى مستريح، فى ضوء «فتاوى السوشيال ميديا» وفيديوهات «شيوخ السوشيال ميديا» الذين اعتبرهم أخطر من مهازل المهرجانات و«التيك توك»، حيث الانتشار الكثيف للفتاوى المتشددة الناتجة عن جهل تام بالنصوص الشرعية الخاصة بالتعامل مع البنوك على وجه الخصوص بالنسبة لمشروعية الفوائد المقطوعة على الودائع والمدخرات البنكية، باعتبارها من المعاملات المستحدثة، كذلك حكم الفوائد التى يتقاضاها البنك على عمليات الإقراض للأفراد، وما طرأ عليها من تحديثات فقهية ودراسات شرعية أكدت شرعية التعامل والاستثمار عبر البنوك والمسارات الاقتصادية الآمنة.

الشق الثاني؛ وهو جزء لا يتجزأ عن سابقه؛ يتعلق بمدى ثقة المصريين بالمؤسسات الشرعية الرسمية المنوط بها الفتوى الدينية، وتصحيح مدركات المصريين تجاه فهم واع لعموم الدين، ويجب الإقرار أنه رغم الجهود الكبيرة لدار الإفتاء المصرية، والسعى الدائم لتحديث أدواتها خاصة فيما يتعلق بأدوات التواصل الحديثة، لكن لاتزال هناك حلقة مفقودة، وفجوة يستغلها جهلاء الدين على السوشيال ميديا.

الأزمة الثانية ترتبط ارتباطا وثيقا بــ«الأمية الاقتصادية» والحاجة لوعى اقتصادى عام بمدركات الاقتصاد، ادواته ومؤسساته، ويجب الإقرار أيضاً بأن هناك قطاعا كبيرا من المواطنين لا يفضلون التعامل مع البنوك والبورصة، ولديهم خشية من المؤسسات المالية بسبب عدم فهم ما تقدمه من خدمات. وجود حد أدنى من الثقافة الاقتصادية للمواطنين لا يفيد فقط فى إدراك الأحداث والتطورات الجارية، لكنه يؤثر أيضاً فى التحوط للمستقبل خاصة فيما يتعلق بكيفية تعامل المواطن العادى مع مخاطر التضخم والآثار السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها داخلياً.

ورغم الجهود الحكومية الكبيرة فى إقرار الشمول المالى وآلياته، لا يزال هناك قطاع من المواطنين وبدون وعى يبحث ويطمع فى العوائد السريعة، فيصبح فريسة سهلة لقطعان الذئاب من المستريحين.

الأزمة الثالثة؛ خاصة بالاقتصاد غير الرسمى، وهى أزمة عميقة كامنة فى الاقتصاد المصرى عبر سنوات وسنوات، إحدى أبرز دلالات ظاهرة المستريحين، حجم السيولة المالية المتوفرة لدى قطاعات من المفترض أنها «دون الطبقة الوسطى»، أغلب الحال أن هذه التدفقات النقدية تأتى من أنشطة خارج الاقتصاد الرسمي.

تشير البيانات إلى أن متوسط نسبة الاقتصاد غير الرسمى فى كل من مصر والمغرب ولبنان والجزائر هو الأكبر نسبيًّا؛ حيث يبلغ 34.3%، 34.1%، 31.6%، 30.9% على الترتيب، بينما تبلغ تلك النسب أدناها فى كل من دول مجلس التعاون الخليجى بمتوسط تبلغ نسبته 27% من الناتج المحلى الإجمالى الرسمى لهذه الدول، يشكل الاقتصاد غير الرسمى جزءًا مهمًا فى الاقتصاد المصري؛ حيث يساهم فى الناتج المحلى الإجمالي، حسب تقديرات حكومية بما يعادل نحو 40% (نحو 2.6 تريليون جنيه) من ناتج الاقتصاد الرسمي.  لذلك؛ فالظاهرة متعددة الأوجه والجوانب، فى حاجة لحلول عاجلة، وحلول على المدى البعيد، اول هذه الحلول العمل على رفع الوعى والمدرك العام للمصريين دينياً واقتصادياً.