عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاوى

 

لا أكون مبالغًا إذا قلت إن هناك نقصًا فى الثقافة العربية فيما يتعلق بالرؤية الحضارية الشاملة التى تحرك النهضة الثقافية وأى نهضة لا بد لها من نظرية معرفية متكاملة ينتج عنها موقف ثقافى متحيز وأمتنا العربية لا تزال تفتقد المنظور الشمولى المتكامل على الرغم من ملايين الأبحاث التى تجرى فى هذا المجال وهذه الرؤية هى مسئولية كل الكوادر الفكرية.

من وجهة نظرى أن الإبداع الثقافى هو عملية طليعية تعتمد على القفز على المجهول والتحليق عبر التصورات وتستمد غذاءها من النظريات العلمية فى العلوم الإنسانية والاجتماعية والتطبيقية. كما أنها تتغذى من جذور التراث وآفاق الطموحات البعيدة للمجتمع فالإبداع الثقافى هو القاعدة لأى منطق فكرى.. وعمليات الإبداع الثقافى تتجلى فى الآداب كلها مثل الشعر والرواية والقصة والمسرح وكل الأمور من الإنتاج الفكرى كما تتجلى فى النظرة المتميزة للمجتمع ومساراته وطموحات ومعاناته فى الحياة.

ويتجلى دور المصطبات الثقافية لأى مجتمع فى الأداء والنمو الفعلى لأفراده عن طريق استخدام الأدوات الثقافية التى ينتجها المجتمع وتوارثتها الأجيال المختلفة، بهدف إضفاء وتشكيل وصياغة العمليات العقلية.. وهذا الأمر يثير أولاً أهمية أن تكون الثقافة منتجة وليست مستهلكة، بمعنى منتجة للأدوات والمعطيات الإنسانية التى تسهل الحياة للناس. والمحور الثانى يتمثل فى اللغة، حيث إنها من أهم أدوات الثقافة التى يستخدمها الإنسان لنقل الموروثات الحضارية من جيل إلى جيل ومن ثقافة إلى ثقافة أخرى والحديث هنا لا يقتصر على البعد المادى للمنتج الثقافى، ولكن يتناول الجانب الفكرى لنفس المنتج.

الفرد فى المجتمع يصبح منتجًا لوسائل حضارية سوف يقوم باستخدامها وهو يدرك التاريخ الفكرى التطورى لذلك المنتج الثقافي الي جانب عامل المنفعة، في حين أن الفرد في المجتمع المستهلك لتلك الوسيلة سوف يستخدمها في إطار المنفعة المادية وليس الأساس الفكري الذي نتج عنه هذا المنتج الحضاري، ولذلك فإن الاختلاف في التعاطي مع المنتج الحضاري نفسه بين الثقافة المنتجة والمستهلكة، يفسر إلى حد كبير السلوكيات المتناقضة فى القيادة التى نشاهدها فى المجتمعات المختلفة وهذه كانت الرؤية الغربية للتعامل مع أى منتج ثقافى.

إن أهمية اللغة كآلية للتأكيد على أن العمليات الفعلية العليا ذات أساس اجتماعى وطبيعة حوارية وليس أساساً عقليًا بحتًا.. ولذلك فإن الأطفال يكتسبون ثقافة المجتمع الذى تربوا فيه وبشكل أساسى من خلال اللغة مع الأخذ فى الاعتبار الدور الإنمائى الذى تلعبه اللغة والذى يتمثل فى تشكيل العمل العقلى، وأن مغزى اللغة الذى يتم بناؤه على عناصر ثقافة المجتمع هو فى جوهره محتوى العمل العقلى.

وهنا يتم طرح السؤال المهم: هل الثقافة منتج أم روابط عقلية مكتسبة من خلال الحضارات المختلفة؟!!.. هذا السؤال يحتاج إلى أبحاث واسعة وعميقة، ليس مكانها مقالاً صحفياً ينشر فى جريدة.

 

«وللحديث بقية»