عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

 

 

شيرين أنطوى نصرى أبوعاقلة، اسم أخذ حيزاً استثنائياً عند الذين يتمتعون بضمير يقظ، محايد، اغتيلت شيرين على مرأى ومسمع العالم الذى يكيل بمكيالين، مما يجعلنا نتساءل كم من شهيد سيروى أرض فلسطين بدمائه كى يقتنع العالم والمجتمع الدولى بأن إسرائيل عدوة، وجيشها محتل وكيانها مغتصب!

استشهدت شيرين أبوعاقلة مراسلة قناة الجزيرة فى الأراضى المحتلة برصاص الكيان الصهيونى الإرهابى أثناء قيامها بنقل جرائم هذا الكيان فى مدينة جنين، وقوع هذه جريمة ضد الصحافة والصحفيين تؤكد بشاعة الكيان الصهيونى بحق صحفية لا تحمل سلاحاً، ولم تقتل، ولم تكن جريمتها إلا أنها فلسطينية وصحفية تنقل الصورة والحدث، وتوصل صوت المظلومين والمضطهدين فى أراضيهم إلى العالم.

شيرين لم تكن مجرد صحفية أو مراسلة عادية، بل كانت صوت فلسطين الذى تعودنا سماعه، وأصبح مألوفا لدينا وللعالم كله بتغطياتها لكل ما يحدث فى الأراضى المحتلة بالصوت والصورة، وكانت من الرعيل الأول للمراسلين الميدانيين.

تلقت شيرين رصاصة القناص الإسرائيلى فى الرأس وهى صامدة تواجه الاحتلال والموت فى شجاعة، وتمارس رسالتها من خلال إيمان حقيقى بالوطن.. فوجئت رصاصة الغدر رغم ارتدائها السترة التى تعرف هويتها الصحفية، وللأسف جاءت الجريمة الشنعاء فى حق الصحافة بعد أيام من الاحتفال باليوم العالمى لحرية الصحافة، وهو ما يكشف دموية الاحتلال، والاستخفاف بكل المواثيق الدولية. قالت شيرين فى حديث سابق لشبكة الجزيرة، إن السلطات الإسرائيلية دائماً ما كانت تتهمها بتصوير مناطق أمنية، وكانت تشعر باستمرار بأنها مستهدفة، وأنها فى مواجهة قوات الجيش الإسرائيلى والمستوطنين والمسلحين. لقد تمكن رصاص السارق الجبان من هذه البطلة الشجاعة بعد العديد من المحاولات الفاشلة لاستهدافها، وتحولت شيرين إلى أنها تمثل ضمير العالم الذى صمت على ممارسات الاحتلال الذى سرق الأرض ويقوم بتصفية عرقية للشعب الفلسطيني، كما أصبحت هذه الجريمة وصمة عار فى جبين المجتمع الدولى الذى يتخلى عن دوره فى حماية الصحفيين فى النزاعات المسلحة، وتجاهله أن هذه الجريمة تعدٍ سافر على حرية الصحافة والإعلام والحق فى التعبير، وانتهاك صارخ لقواعد ومبادئ القانون الإنسانى الذى تحدثت عنه شيرين بأنه ليس سهلا أن تغير الواقع، لكن كنتِ قادرة على إيصال هذا الصوت على الأقل إلى العالم.. كما قالت «كنت أظن وأنا ابنة القدس، أن الاحتلال استطاع أن يزرع فينا القهر والإحباط، لكن أبناء القدس وأجيالها الشابة، رفعت معنوياتنا، وزرعت الأمل، واليوم الذى أرادت فيه إسرائيل أن تحتفل بيوم «توحيد القدس» أثبت المقدسيون أن ضم المدينة بعيد عن أعين الاحتلال، وأن أبناءنا عصيون على التطويع.

القلم والكاميرا سلاح شيرين كان فى مواجهة الرصاصة الإسرائيلية الغادرة، وتعد هذه الجريمة تصعيدا خطيرا تجاه الشعب الفلسطينى الأعزل إلا من كرامته، هذه الجريمة البشعة التى هزت مشاعر كل من له قلب ينبض بين ضلوعه تحتاج إلى تحقيق دولي، ومعاقبة الجناة الإسرائيليين أمام محكمة الجنايات الدولية، وتحمل المجتمع الدولى والأمم المتحدة وهياكلها المختصة المسئولية المنوطة فى حماية الشعب الفلسطينى وحقوقه التى لا تسقط بالتقادم.

تعتبر شيرين أبوعاقلة شهيدة كل بيت عربي، لم أكن أعلم ديانتها عندما ترحمت عليها بعد اغتيالها، فلما علمت تضاعف ترحمى وتقديرى وإعجابي، وازداد إيمانى بأن الإنسانية والحق والعدل والضمير يسبق الأديان، والاحتلال أيضا لا تهمه الديانة، تهمه الكاميرا التى تفضح همجيته فيسعى لإطفاء نورها، لقد كشفت شيرين حية وشهيدة نفوسا مريضة فى إسرائيل وعالمنا العربي، كما  كشفت الجريمة البشعة لاغتيالها أن هناك مشروعا مخططا لإجهاض القضية الفلسطينية، ولكن صوت شيرين وطريقة اغتيالها خيبا آمال المخططين فاتجهوا إلى قضية الديانة.

شيرين اختارت الصحافة لتكون قريبة من الإنسان، ولم تقل إنها ستغير الواقع لكنها كانت قادرة على إيصال ذلك الصوت للعالم، واستشهدت فى قلب الواقع الذى كانت تحاول تغييره وأمام عيون الإنسان الذى أفنت عمرها محاولة الاقتراب منه وهى تحتضن سلاحها «الكاميرا»، سلام عليكِ يا شيرين يا صاحبة الضمير الحى، يا شهيدة الصحافة التى أثبتِ أن الصورة والكلمة أقوى من الرصاص عندما تكون فى مواجهة الباطل.