عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

 

 

 

يرجع الفضل إلى اثنين من كبار رجال القضاء، فى تصفية شركات توظيف الأموال التى ظهرت فى مطلع الثمانينيات، وهما المستشار رجاء العربى النائب العام، والمستشار جابر ريحان المدعى العام الاشتراكى، وتم إغلاق هذا الملف، وانتهى عصر الريان والسعد وهدى والشريف الذى خلف آثاراً اجتماعية خطيرة بسبب ضياع أموال المودعين فى مضاربات وتهريب ونصب تحت ستار الدين لضرب الاقتصاد الوطنى عن طريق الادعاء بأن فوائد البنوك حرام، والزعم بأن الاقتصاد الإسلامى أفضل، والذى ظهر مدعوماً بفتاوى مدفوعة الأجر!

لم تكد الأمور تستقر حتى عادت ظاهرة شركات توظيف الأموال بعد نحو 35 عاماً تحت مسمى جديد، مع انتشار ظاهرة «المستريحين» الذين صاروا على درب الريان وباقى العصابة وهى جمع أموال البسطاء بحجة استثمارها مقابل أرباح كبيرة، وبعد أن يقع المواطنون فى فخ المستريح يدعى تعثر مشروعاته ويهرب بالأموال!

أول مستريح ظهر فى أبريل عام 2015 اسمه أحمد مصطفى من الصعيد، جمع نحو مليارى جنيه من ضحاياه، وتوقف عن دفع الأرباح التى وعدهم بها، وهرب بالأموال التى جمعها، وتقدم الضحايا ببلاغات ضده إلى النائب العام ومباحث الأموال العامة، وقاموا بوقفات احتجاجية بمحيط دار القضاء العالى وبالقرب من مجمع التحرير للمطالبة بالقبض عليه، وسقط المستريح فى قبضة مباحث الأموال العامة فى مارس عام 2016 وقضت محكمة القاهرة الاقتصادية بمعاقبته بالسجن 15 عاماً وتغريمه 150 مليون جنيه وإلزامه برد 266 مليون جنيه للمودعين، ورفضت محكمة النقض طعنه على الحكم، وأيدت الحكم الصادر ضده، ادعى أحمد مصطفى أنه مستريح، وأنه سيلتزم بسداد أموال المودعين من أموال يحتفظ بها وأصول عينية، وأطلقت عليه الصحافة لقب «المستريح»، ورغم الحكم عليه بالسجن 15 عاماً، فإن سلالته من المستريحين لم يرتدعوا، فظهر فى كل مكان مستريح جديد يسحب مدخرات المواطنين البسطاء دون أية مشقة أو ضغوط بعد إغرائهم بالأرباح الكبيرة ثم يهرب، ويظهر مستريح غيره فى مكان آخر يمارس نفس الفعل ويسقط ضحاياه فريسة لوعوده الكاذبة بسبب الجهل والحاجة إلى الكسب السريع ويفقدون شقاء العمر.

ورغم سقوط مئات المستريحين فى قبضة مباحث الأموال العامة، فإن ظاهرة المستريحين لم تتوقف، ولم يتعلم الضحايا من سابقيهم الذين لم يجنوا غير الوهم وضياع أموالهم البسيطة التى أخذها الغراب وطار!، حتى ظهر مستريحون جدد فى أسوان وغزوا بعض القرى، وتقريباً يسعون لتكوين رابطة المستريحين بعد ظهور أحدهم ومعه مساعدوه على مواقع السوشيال ميديا يروجون علناً لجذب أموال المواطنين، ويعدونهم بأنهم سيدفعون لهم جنيه ونصف الجنيه عن كل جنيه يسلمونه للمستريح، وظهر مستريح أطلق على نفسه «البنك» يوزع الأموال فى الشوارع على المواطنين، ويكشف عن غرفة مملوءة بالأوراق المالية، وابتدع مستريحو أسوان ما يعرف بـ«الوعدة» حيث يتم من خلالها تسلم المواشى من المواطنين مع وعد بسداد ثمن مغرٍ لصاحبها مما تسبب فى أزمة مواشى الذبح فى المحافظة.

 ظهور المستريحين علناً على المواقع يؤكد أن فيه حاجة خطأ، أو أن هناك مخططاً لضرب الاقتصاد الوطنى، وتهديد البنوك بعد قيام المواطنين بسحب أموالهم وتقديمها للمستريحين الذين يعدونهم بفوائد أكبر من فوائد البنوك، وبعد وقوعهم فى الفخ يهرب المستريحون، وينضم أصحاب الأموال إلى طوابير العاطلين والمعدمين.

إن ظاهرة المستريحين خطيرة وأصبحت فى حاجة إلى التصدى السريع والحاكم لها، ويجب اعتبار مواجهتها مسئولية اجتماعية لحماية المواطن البسيط من الوقوع فى فخ الغش والخداع التى يجيدها المستريح.

إن غياب الرؤية عن أصحاب الأموال لاستثمار أموالهم والخوف من المجازفة بإقامة مشروعات خاصة بهم يديرونها بأنفسهم جعلهم عرضة للنصب عليهم، والحل هو إيجاد أوعية ادخارية واستثمارية جديدة تواكب العصر ومشروعات قومية وشعبية يمولها الشعب كما حدث فى مشروع قناة السويس، يتيح للمواطنين الذين لديهم فائض أموال الحصول على عائد مضمون لحمايتهم من الوقوع فى براثن النصابين، ومطلوب تشديد القانون على المستريحين لإنهاء هذه الظاهرة، كما انتهت ظاهرة توظيف الأموال التى احترفت النصب على المواطنين للاستيلاء على أموالهم باسم الدين.