حكاوى
مازلت بصدد مناقشة الدور التثقيفى الذى تلعبه الصحافة، ولذلك إن الكاتب يعتمد على الناقد فى التعريف بعمله الأدبى وإطلاع الجمهـور عـلى إنتاجه، وكذلك تقييم أعماله. وإذا كنا بصدد الحديث عن النقد الصحفى، فنجـد أن دور الناقد الصحفى كان على مدى سنوات طويلة هـو أسـاس العملية النقديـة التى تثرى الواقع الثقافى فى أى مجتمع، إلى أن دخلنا عصر الإعلام الرقمى ومواقع التواصل الاجتماعى. وبالنظر إلى الجرائد والمجلات نجـدها تخصص ملاحـق ثقافية لمراجعة الكتب والأعمال الأدبية بغرض نقـدهـا فـضـلا عـن نـقـدهـا لـواقـع مجتمعها. ولكن فى عصر التواصل الاجتماعى، حـدث الكثيـر مـن التغيرات وأصبح الكاتب الصحفى يصل إلى الجمهور عن طريق شبكات التواصـل ليصـل إلى الجمهور مباشرة دون الحاجة إلى مساعدة من الإعلام التقليدى. إن النقد لا ينضج أو يتطور بمنأى عن الدراسة الأكاديمية، فمعظـم التيارات النقدية حول العالم خرجت من الجامعات (المعاهـد العلميـة) وغالبية النشاط النقدى الخلاق تطـور داخـل قاعـات الجامعـات، ثـم فـاض فى اتجاه الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة . وأرى أن النظرية الأدبية أصبحت علم العلوم، كما كانت الفلسفة فى العصور القديمة، وأصـبح النقـد الصـحفى مطالبا بتوجيـه اهتماماتـه لـيس إلى النصوص الأدبية فحسب، بل إلى كافة مظاهر الوجـود، مـا دعـا واحـداً مـن أهـم مؤرخى البنيوية الأوائل وهو «جوناثان كلر» إلى القول بأن النظرية الأدبيـة ليست معنية بالدراسات الأدبية فحسب بل بمجموعة الكتابات التى تتناول كل ما تطلع عليه الشمس.
النقد اذًا يشمل أعمالاً فى الأنثروبولوجيـا وتـاريخ الفـن واللسانيات والفلسفة نظريات السياسية والتحليل النفسى والدراسات التـى تـدور حـول الـعـلـوم المختلفة ومفهومه، والدراسات التى تتناول التاريخ الاجتماعى والثقافى وعلم الاجتماع وغيرها. تعد الصحافة واحدة من أهـم الوسائل للتعبيـر عـن الـرأى المجتمعات المعاصرة، وهى أحد أهم المظاهر الرئيسية للممارسة الديمقراطية، كما أن وجودها ركيزة أساسية من ركائز الحياة الديمقراطية، لذلك ينظر إليها أنها السلطة الرابعة فى البلاد التى تحترم حرية الرأى وحرية التعبير، كما أنّ الصحافة تعتبر المرآة الحقيقية لكشـف الخلـل والجوانب السلبية فى المجتمعات ومؤسساتها، وتلعب دوراً رئيسياً فى التعبير عن آراء الجمهـور فى كافة القضايا التى تهم حياتهم، وفى عرض الحلول والمقترحات لكل ما يتعلـق بشـؤن المجتمع إلى كل من السلطة والجماهير.
لذلك نجـد الأهمية الكبيرة للنقـد الصـحفى، فقـد حرصت التشريعات فى مختلف المجتمعات على تنظيم الصحافة لكى لا تستغل كوسيلة لارتكاب الجرائم، ومن هنا صارت الصحافة مقيدة بواجب احترام الأسس والمعايير الخاصة بمهنة الصحافة وباحترام حقوق الآخرين. كما أن حق النقـد الصـحفى يعـد جـزءا مـن حرية الصحافة والتى بدورها جزء من حرية التعبير.
وللحديث بقية