عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

سنة سادسة ابتدائى باقية، ولم يتم إلغاؤها، ولم يحدث أى تعديل فى نظام التعليم من الابتدائى حتى الثانوية العامة، هكذا كان تعليق الحكومة على الشائعة التى ترددت على مواقع التواصل الاجتماعى منذ عدة أيام عن إلغاء الصف السادس الابتدائى، ووصفتها الحكومة بأنها مغرضة للتشويش على العملية التعليمية.

كلما جاء ذكر «ساتة ابتدائى» أتحسس خدى الأيسر لأتذكر وقع القلم الذى حصلت عليه من الأستاذ حمد أبوعثمان، ناظر مدرسة العرب والنجاجرة الابتدائية بالمراشدة كعقاب قاس منه على خذلانى له لعدم حصولى على الترتيب الأول على محافظة قنا فى الشهادة الابتدائية التى كانت تنتهى بنهاية الصف السادس الابتدائى تمهيداً للالتحاق بالسنة الأولى الإعدادية.

 عتاب الأستاذ «حمد» فى محله، وسامحته وقتها رغم أن كف يده الكبير ترك علامة على خدى الصغير وأنا طفل، لكنه ـ الأستاذ حمد ـ عالج الموضوع باحتضانى وسلمنى ملفى لأذهب به إلى مدرسة الوقف الإعدادية ليتم قيدى فى الصف الأول الإعدادى عام 1973، عام النصر عندما عبرت قواتنا المسلحة خط بارليف وحطمت غرور إسرائيل، وجلسنا فى بيوتنا شهراً انتهت المعركة ثم عدنا لاستكمال السنة الدراسية.

لحسن حظى وحظ جيلى لم نتحول إلى فئران تجارب لنظام التعليم المتقلب الذى شيطن سادسة ابتدائى بالذات، وجعلها حائرة بين الإلغاء والعودة، ثم تحولت من شهادة إلى سنة عادية، فقد كان نظام تعليمنا فى ذلك الوقت صارماً، لا يوجد غش فردى ولا جماعى فى الامتحانات ولا ميكروفونات تذيع الإجابات، ولا اختراق على طريقة شاومينج. كانت سادسة ابتدائى وثالثة إعدادى وثالثة ثانوى ثلاث شهادات نهائية بدون ملاحق، ثم تعرض نظام التعليم بعد ذلك الى قص ولزق وفك، ونظام الثانوية العامة تحول وتبدل بين عدة أنظمة، وتدهور التعليم وتاه بين نظام جديد للتعليم كل فترة، ونظام آخر للقبول بالجامعات والمعاهد مع الاحتفاظ بمكتب التنسيق الراعى الرسمى أو الوهمى للعدالة فى الالتحاق بكليات القمة.

عمليات الفك والتركيب أثرت على مخرجات التعليم بعد أن أصبح تعليماً دون المستوى، والإنفاق عليه أكبر من العائد منه وأصبحت هناك هوة بين التعليم وسوق العمل، وبدلاً ما تستخدم الشهادة لأحد مسوغات التعيين وأصبحت تستخدم كأحد شروط قبول الزواج مثل القايمة ومؤخر الصداق!

عموماً «ساتة ابتدائى» قلبت المواجع أو كانت سبباً فى اجترار ذكريات عمرها 50 عاماً عندما استقبلت شائعة إلغائها وتأكيد استمرارها، على مدار نحو 30 عاماً احتار وزراء التعليم فى شأن الصف السادس الابتدائى، ما بين إقرارها والغائها أو تمييزها كـ«سنة شهادة» او اعتبارها مجرد «نقل». أول إلغاء للصف السادس الابتدائى تم على يد الدكتور أحمد فتحى سرور عام 1988 عندما كان وزيراً للتربية والتعليم وتم تبرير الإلغاء بأنه يرجع الى الظروف الاقتصادية، وأعاد الدكتور سرور الصف السادس الابتدائى عام 2004 أى بعد مرور 16 عاماً من الإلغاء وكان وقتها رئيساً لمجلس الشعب، وكان قرار الإعادة فى عهد الدكتور حسين كامل بهاء الدين، وزير التربية والتعليم وبما أن حذف سنة من التعليم أو إعادتها يحتاج إلى تعديل فى قانون التعليم، فإن الدكتور سرور كرئيس للمجلس قد وافق على عودة «ساتة ابتدائى» من خلال قانون تقدمت به الحكومة إلى المجلس.

وفى عام 2013 أصبحت سادسة ابتدائى سنة نقل وليست شهادة فى عهد إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم لتوفير النفقات وتفعيلاً لقانون التعليم الذى ينص على إجراء اختبار فى نهاية كل فصل دراسى فى ختام مرحلة التعليم الأساسى، وبعد ثلاثة أشهر تراجع محمود أبوالنصر وزير التربية والتعليم عن قرار الوزير السابق بحجة أن إجراءاته مخالفة للقانون، واعتبر طارق شوقى وزير التربية والتعليم الحالى سادسة ابتدائى سنة عادية، ودافع عنها ضد شائعة إلغائها.

هناك سؤال يحيرنى: إيه حكاية ساتة ابتدائى هى ملهاش أهل، أعدموا «ساتة» أو اطرحوها أرضاً فلن ينصلح حال التعليم إلا بتعديل جوهرى وحقيقى ومن الجذور لكل ما يتعلق بالتعليم ليعود أبناؤنا إلى تلاميذ وطلاب مش فئران تجارب!!