رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدأت الدروس السياسية منذ غزت روسيا أوكرانيا فى 24 فبراير 2022، وأصبح لزاما على صانعى السياسة فى واشنطن أن يلتفتوا إلى التحذيرات الواقعية، ضد توسيع منظمة حلف شمال الأطلنطى لتشمل أوكرانيا.

فالجميع يعلم أن السياسات المضللة ساعدت على خلق هذا الوضع. فلقد حذر المفكر الواقعى الأمريكى البارز، جورج كينان، من أن توسيع حلف الناتو سيبدأ حربًا باردة جديدة، وهو توقع حكيم تحقق. لتواجه أمريكا الآن مخاطر أكثر خطورة مما كانت عليه خلال أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.

بغض النظر عن تحذير كينان، عرضت إدارة بوش فى عام 2008 عضوية أوكرانيا فى الناتو، وهو قرار اعتبره وزير الخارجية السابق روبرت جيتس فى مذكراته «واجب» بأنه «مبالغ فيه حقًا». بعد أن قدمت الإدارة نفس العرض إلى جمهورية جورجيا، شن الروس هجومًا فى عام 2008 ودحروا القوات الجورجية.

ثم فى عام 2014، جددت إدارة أوباما سياسة سحب أوكرانيا من نفوذ روسيا، والانحياز العلنى لقوى المعارضة التى أطاحت بالرئيس الموالى لروسيا، وظهرت مرة أخرى احتمالات عضوية الناتو. ورد الروس بالاستيلاء على شبه جزيرة القرم ودعم المناطق الروسية الانفصالية فى شرق أوكرانيا. لكن أمريكا واصلت التشجيع، وقبلت أوكرانيا بشغف الدعوة السابقة للانضمام إلى الناتو، حتى أنها كرست عضوية الناتو كهدف فى دستورها لعام 2019.

كان الثمن باهظًا للغاية بالنسبة لدولة مهددة من قبل قوة نووية مجاورة وليست أولوية استراتيجية. وخاصة أن الهدف الرئيسى هو تجنب حرب بين القوى العظمى قد تقتل الملايين. هذا الواقع لا يمكن تغييره من خلال عضوية الناتو.

بعد الغزو، أطلقت أمريكا حربًا اقتصادية ضد روسيا، وبالطبع العقوبات تضر بروسيا. لكن فى عصر العولمة، من الصعب إيقاف النشاط الاقتصادى تمامًا. لا يزال الروس يمدون أوروبا بالغاز، ولا يزال النفط الروسى يتم تداوله فى الأسواق الدولية. تراجع الاتحاد الأوروبى عن حظر نفطى روسى لأنه غير عملى للغاية. تواصل روسيا سداد مدفوعات الفائدة على ديونها الخارجية. فى نهاية المطاف تتكيف البلدان مع العقوبات.

العديد من الدول الرئيسية حذرة من التكلفة العالية للعقوبات وتشك فى قدرة أمريكا على سنها. رفضت الصين والهند المشاركة. كما ترفض الأرجنتين والبرازيل والمكسيك الحظر الاقتصادى المفروض على روسيا. لقد رفضت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهما عادة حليفتان قويان للولايات المتحدة، قرار عزل روسيا.

وبدون هدف دبلوماسى واضح، قد تؤدى العقوبات فى النهاية إلى تقويض المصالح الأمنية الأمريكية؛ فمن أحد المؤشرات الدالة على العواقب دخول عشرات الآلاف من اللاجئين الروس بسبب العقوبات الاقتصادية إلى المكسيك، بهدف طلب اللجوء فى الولايات المتحدة.

من خلال ضباب الحرب، من الصعب تحديد الفائز أو الخاسر. لا تقدم التقارير الإعلامية، التى تؤكد نجاحات أوكرانيا فى ساحة المعركة، سوى وجهة نظر مشوهة. وبالمثل، لدى العالم تقديرات تقريبية فقط للضحايا. لم يتم الإبلاغ عن الخسائر الأوكرانية على الإطلاق.

إن روسيا وأوكرانيا اقتربتا من حل أربع من ست قضايا متنازع عليها، مثل عضوية أوكرانيا فى الناتو، ونزع السلاح، والأمن، ووضع اللغة الروسية كلغة رسمية. لا يزال الجانبان منقسمين حول شبه جزيرة القرم ودونباس. أخيرا الأيام القادمة ستحمل دروس عدة يجب الاستفادة منها فى عالم السياسة الدولية.