رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

نحو المستقبل

 

 

من أخص خصائص الإسلام كدين يحض على بناء الحضارة والعمران فى الأرض دعوته إلى العمل واتقان العمل، والمعروف أنه قد ورد فى القرآن الكريم 360 آيه تتحدث وتحث على العمل واتقانه، كما وردت 190 آية تتحدث عن الفعل، واذا جمعناهما معا سنجد أن لدينا فى القرآن الكريم وحده 550 آية تحدثنا على العمل ومسئولياته والتركيز على اتقانه.

لكننى كثيرا ما أتوقف أمام الآية 105 من سورة التوبة «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون»، والآية 33 من سورة فصلت «ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين» فهاتان الآيتان وحدهما تضعان الأساس الصحيح للبناء الحضارى للفرد والمجتمع على حد سواء؛ ففى الأولى اشارة إلى أن العمل يتم لوجه الله ورسوله أولا ثم لبقية المؤمنين ثانيا، فأنت لا تعمل ارضاء لرئيس أو تقربا لبشر إنما العمل الصالح بحق يكون ارضاء لله ورسوله، وهذا أهم ضمان فى اعتقادى لجودة العمل وإتقانه وفى هذا ما فيه من رفض ورد على المقولة الشائعة «على قدر فلوسهم ..» وفيه ما فيه من الحض على العمل الجاد والمتقن  دون النظر لأى اعتبارات أخرى.

ومن نافلة القول، إن الحضارات والتقدم الانسانى يبنى على أساسين لا ثالث لهما هما العلم والعمل، ولا شك أن العلم بكافة صوره ومسمياته يقوم به علماء فى كل فروع العلم والمعرفة وهم مدعوون بموجب هذه الاية أيضا إلى اتقان عملهم العلمى، وقد جاء الحديث النبوى الشريف «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه «حاضا ومؤكدا أيضا ضرورة اتقان العمل أيا كان نوع العمل وأيا كان القائم به أو عليه. ولا عزاء لما يسمونه فى عصرنا الحالى «معايير الجودة»!! ففى الإسلام معيار واحد فقط هو الاتقان، فمن أتقن عمله أى بذل فيه كل الجهد واستوفى كل عناصره بدقة، أما الآية الثانية، فقد أكدت ارتباط القول بالفعل والعمل، فالقول لابد أن يكون حسنا والعمل لابد أن يكون متوافقا مع ذلك القول الحسن ومبنيا عليه، ومن ثم يكون العمل صالحا أى متقنا ولوجه الله تعالى، واذا كان هذا وذاك كان هذا دلالة على أن هذا الانسان العامل مؤمن وصحيح الاسلام، بل ومن حقه أن يفخر بذلك!

إننى أرى فى هاتين الآيتين الاجابة عن السؤال الكبير الذى حير ولا يزال يشغل عقول المفكرين المسلمين ويؤرق مضاجعهم: لماذا تخلف المسلمون وتقدم غيرهم؟! حيث إن الاجابة ببساطة تكمن فى أن المسلمين فى عصرنا اكتفوا بحفظ وترديد تلك الآيات دون العمل بها، بينما غيرهم التقط خيط التقدم من أجدادهم الذين صنعوا عصر الحضارة الاسلامية الزاهى.  

وكم كان الامام محمد عبده رحمه الله معبرا عن تلك المفارقة، حينما قال بعد زيارته لأوربا ومشاهدته لما حققه الأوربيون من تقدم «لقد رأيت هناك اسلاما بلا مسلمين بينما هنا مسلمون بلا اسلام»، لا فض فوك أيها الإمام الواعى المستنير، فلقد أدرك أن الحضارة الأوروبية الحديثة قامت على اتقان العلم والعمل وهى القيم التى قامت عليها الحضارة العربية الاسلامية بالفعل، وحينما نعود إلى الايمان الحقيقى بالاسلام دينا وبمحمد رسولا، سنعى أن اتحاد الارادات بين الشعوب والحكام المسلمين على ضرورة العلم النافع والعمل المتقن هو سبيلنا الوحيد إلى العودة إلى الريادة الحضارية من جديد.

[email protected]