رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

ساعات قليلة تفصلنا عن وداعه, بأيامه الفاضلة، ولياليه العامرة, فبعد أن كان بين أيدينا، وملء أسماعنا ونور أبصارنا، وبهجة قلوبنا, بعد أن كان حديث منابرنا، وزينة منائرنا، وسمر مجالسنا، وحياة مساجدنا, انفرط عقده وغادرنا.

مضى شهر رمضان حاملا معه صحائف أعمالنا، شاهدا فيها لنا أو علينا, وقسم الناس إلى ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات ,فاز  فيه من جد واجتهد, فنال الرحمة والغفران والعتق من النيران, وخسر فيه من ألجمته المعاصى  والذنوب والآثام.

مضى رمضان فبكت قلوب المؤمنين حزنا على فراقه قبل أن تدمع عيونه, وحق للقلوب أن تحزن وللعيون أن تبكى وتدمع على فراق شهر الرحمة والتوبة والرضوان الغفران.. حق لهذه القلوب أن تحزن وللعيون أن تدمع على شهر اكتحلت فيه بدموع المحبة والخوف والرجاء.. حق لهذه القلوب أن تحزن وللعيون أن تدمع على شهر الجد والاجتهاد بعد أن جعل القرآن حياتنا، والصلاة متعتنا وسعادتنا ، وذكر الله غذاءنا.

لكن من هذه المحنة تولد المنحة والفرحة  بنعمة الإسلام التى لولاها ما عرفنا الله، ولا رسوله ، ولا رمضان، ولا القرآن.. نفرح بنعمة الإسلام, الدين الذى اختاره الله لنا واختارنا الله له بعد أن اختاره الله لنفسه فلا يقبل من أحد دينا سواه.. نفرح بنعمة الله علينا، وبإحسانه إلينا وإتمام نعمته وإكمال فضله, فأكرمنا ببلوغ رمضان، وأتم علينا نعمته بإكماله، وتفضل علينا بتوفيقه، فوفقنا فيه , فصمنا وقمنا الشهر كاملا، ودعوناه ورجوناه وأملنا خيره وبره وثوابه ونعماه.

ولماذا لا نفرح والنبى يبشرنا بغفران ما تقدم من ذنوبنا  إذا صمنا الشهر وأحيينا ليلة القدر, وقد صمنا بحمد الله، وقمنا بفضل الله، والتمسنا ليلة القدر قدر طاقتنا, فإذا كان رمضان قد انتهى ,فإن رب رمضان لا ينتهى ، وإن كان رمضان  قد مضى وفات فإن رب رمضان هو الحى الذى لا يموت, وبئس العبد عبد لا يعرف ربه إلا فى رمضان.

ليس معنى انتهاء رمضان نهاية الصوم، فإذا كان صوم الفريضة قد تم فهناك صيام النوافل , وإذا كان قيام رمضان قد انتهى، فإن قيام الليل لم ينته, وأما القرآن فليس هو بكتاب رمضان فقط، وإنما هو دستور الله لأمة الإسلام على مدار الأوقات والأيام والأزمان.

واصلوا طاعاتكم، وتابعوا قرباتكم، فإن من علامات قبول الطاعة ,الطاعة بعدها، فلا يكن آخرعهدنا بالقرآن ختمة رمضان، ولا بالقيام آخر ليلة من لياله، ولا بالجود والكرم آخر يوم فيه, ولكن شمروا واستمرواعلى ما كنتم فيه فى رمضان , ولا تعودوا إلى سابق عهدكم قبل رمضان, فإن من أعظم الجرم وأكبر الخسران أن يعود المرء بعد الغنيمة خاسراً وأن يبدد المكاسب التى يسرها الله فى هذا الشهر الكريم، وأن يرتد بعد الإقبال مدبراً , وبعد المسارعة إلى الخيرات مهاجراً , وبعد عمران المساجد بالتلاوات والطاعات معرضاً, فإن هذه الأمور لتدل على أن القلوب لم تحيا حياة كاملة بالإيمان ولم تستنر نورها التام بالقرآن وأن النفوس لم تذق حلاوة الطاعة ولا المناجاة وأن الإيمان ما يزال فى النفوس ضعيفاً و التعلق بالله سبحانه لا يزال واهناً.

الإسلام يعلمنا أن مواسم الطاعة لا تنتهي، فكلما انقضى موسم أتى غيره، فبعد الصيام يأتى الحج وهكذا، فكونوا ربانيين ولا تكونوا رمضانيين ، ولا تقطعوا طاعاتكم وعباداتكم بعد رمضان  فإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل.

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

[email protected]