رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كان الاستاذ عليه طلة الزعماء، وله حضور طاغ، هادئا، ثائرا احيانا عندما يحتاج الموقف، مقاتلا شرسا، يدافع عن اولاده تلاميذه اسدا لا يخشى فى الحق لومة لائم..

إذا احب قرب اليه من احبه اعطاه المزيد من العمل لكى يصقله ويكسبه الخبرة..

ذات صباح وجدت السيدة سامية فريد مديرة مكتب الاستاذ الفارس مصطفى شردى تتصل بى، حيث كنا فى صالة التحرير وتقول لى الاستاذ عايزك، كالعادة نزلت مهرولا الى مكتبه بالدور الاول، وكان مكتبه بجوار مكتب فؤاد باشا رئيس الوفد واستأذنت الدخول، فقال لى تعال يا محمد -وكان الاستاذ يحتفظ بلكنته البورسعيدية الجميلة- ده الاستاذ فلان -لا اذكر اسمه حاليا- اقعد معاه وشوف الكلام اللى بيقوله وانا عايز حملة قوية..

فرد الزائر او المصدر لا تقلق مصطفى بك انا هخليه خبير ادوية وتركنا الاستاذ ودخل على مكتب فؤاد باشا، فقص على المصدر المشكلة سريعا، وقال لى ان احدى الشركات العامة للأدوية تسحب المادة المخدرة من الدواء الخاص بالكحة... ثم اردف قائلا الموضوع كبير انت تيجى لى زيارة تشرب القهوة معايا فى البيت واعرفك كل حاجة بالمستندات..

ثم خرج الاستاذ من مكتب فؤاد باشا فوقفت له.. فقال لي: اتفقتم على ايه يا محمد...

قلت له: يا ريس سنلتقى بمنزله غدا ليحكى لى ويطلعنى على المستندات.. وهم المصدر للمغادرة وأملى علىّ العنوان واتذكر انه فى شارع طومان باى بالزيتون من ناحية ميدان ابن سندر..

فقال لي: الاستاذ اسمع يا محمد واشار الى بالسبابة انا عايز حملة قوية.. حاضر يا ريس..

ذهبت الى المصدر فى الموعد المتفق عليه، وكان بالنسبة لى مدرس كيمياء يشرح لى تفاعلات المواد الخاصة بالادوية، وكان محور القضية عن مادة الكودايين الموجودة فى دواء الكحة.. استمرت جلستنا اكثر من 5 ساعات واعطى لى اوامر التشغيل الخاصة بخطوط الانتاج، وهى بدون المادة الفعالة مقارنة بأوامر التشغيل السابقة..

اعطيت الحقلة الاولى للأستاذ وقال لي: كويس جهز كمان حلقتين.. نشرت الحلقة الاولى يوم الخميس.. وتلتها الحلقة الثانية فى الاسبوع التالى عدد الخميس نظرا اننا كنا الوفد يصدر اسبوعيا فقط..

يوم السبت التالى فوجئت بأن الدنيا مقلوبة، وكان الاستاذ مصطفى المرشدى المدير الإدارى فى مكتبه الزجاجى فى الدور الأول، وعندما رآنى قال لي: الاستاذ مصطفى قالب الدنيا عليك - لا اخفيكم سرا ركبى «خبطت» فى بعضها كما يقولون- دخلت مكتبه بعد الاستئذان فقال لي: انت فين يا محمد تعالى رئيس الوزراء الدكتور عاطف صدقى كلمنى وزعلان بس مش مهم قولى ورقك ومستنداتك تمام قلت له كله تمام ياريس.. فأردف قائلا ووزير الصحة كمان عايز يشوفك.. وزير الصحة محمد راغب دويدار.. بيقول ان الدواء اللى كتبت عنه الدول العربية وخاصة السعودية وقفت استيراده روح للوزير وشوفه عايز ايه.. بس عايز اقولك اوعى تخاف او تهتز خليك جامد كده واتكلم من منطلق قوة ولا يهمك دون اسفاف.. احنا معندناش صحفيين بتخاف لا من وزير ولا غيره فهمت وهو منتظرك الساعة اتنين النهاردة.. طبعا دماغى مش معايا هروح لوزير الصحة مكتبه نهار طين صحيح انه بلدياتى بس وايه يعنى توكلنا على الله..

ذهبت الى الوزارة بشارع الفلكى من شارع قصر العينى قريبة جدا من مقر الجورنال من البوابة الرئيسية، وجدت مندوبا من مكتب الوزير ينتظرن، وصعدنا فى اسانسير عتيق تقريبا الى الدور الثاني.. ودخلنا من باب مكتب الوزير بعيدا عن مدير مكتبه وجدت الرجل متأهبا فى انتظاري.. وعندما رأنى قالى ازيك يامحمد تعال اتفضل وجلس معى بصالون مكتبه وقال لي: احنا نقدر دوركم والوفد بالنسبة لنا ضرورة لكن عندما يصل الامر الى الضرر يبقى لازم ناخذ حذرنا ولا ايه يا استاذ.. فقلت له لم اكتب الا من خلال مستندات ومنشور ايضا اوامر التشغيل فقاطعنى يا ابنى لم اعترض على المستندات بس الموضوعين اللى نشرتهم خسرونا اكثر من 30 مليون دولار عائدات تصدير هذا الدواء..

على كل حال كفاية كده لان الموضوع كبير ورئيس الوزراء زعلان فقلت له: الامر يرجع الى الاستاذ مصطفى شردى وهو الذى يقرر.. فقال لي: خلاص انا هقول لرئيس الوزراء انكم هتوقفوا النشر، فقاطعته قائلا لا املك هذا القرار والقرار للاستاذ شردى رئيس التحرير.. فقال: انت كمان لازم تكون مقتنع بأن الموضوع يدخل فى اطار الأمن القومي.. قلت له: سأبلغ الاستاذ رغبة حضرتك.. وهممت بالانصراف واصطحبنى الوزير مشكورا الى باب الاسانسير القريب من مكتبه وودعنى على امل اقناعى بعدم النشر...

نزلت جرى الى مقر الجريدة فوجدت الاستاذ الفارس فى مكتبه، فاستأذنت فسمح لى بالدخول فقال لي: اوعى تكون اهتزيت انت تمثلنى قلت: ياريس متخافشى على انا تلميذك قلت للوزير: ان المستندات تؤكد ما نشرناه فقال: لا اكذب النشر احنا خسرنا 30 مليون دولار عائدات الدواء فكفاية كده فقلت له: ان الامر بيد حضرتك وانت الذى تقرر النشر من عدمه وفق تقديرك..

فابتسم الاستاذ ابتسامة الاب الذى يخشى على اولاده وقال: خلاص يا محمد كفاية كده الدكتور عاطف صدقى كان بيتكلم وهو متأثر وكمان الدكتور دويدار وبعدين لما يصل الامر لخسارة خزانة الدولة يبقى لا والف لا ده امن قومى يا محمد.. كفاية..

خرجت من مكتبه وقلبى مغتبطا فرحا لسبب وحيد، ان المعلم الاستاذ يحمى أبناءه وتلاميذه بقوة مهما كلفه وانه يريدنا صحفيين اقوياء لا نعرف الابتزاز او الرشوة او الفساد..

الاستاذ الفارس مصطفى شردى كان نموذجا للفارس النبيل والمعلم الفذ.. أحببتك أباً ومعلماً.