رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

سيبقى مشهد خيرت الشاطر ماثلا فى الأذهان طويلا، وهو  يقول بالصوت والصورة، وبزهو مقرون بالثقة  فى مسلسل الاختيار 3، إن  الإخوان جماعة كبيرة وجزء من حركة عالمية. ولعل هذا القول من أحد أبرز  قادة الجماعة يبطل مزاعم  لا تزال تتردد من  بعض قادتها، تنفى  وجود التنظيم الدولى لجماعة الإخوان، الذى يعدها حركة أممية عابرة للأوطان والقارات.

و«خيرت الشاطر» هو أحد مهندسى  تشكيل  التنظيمات المسلحة داخل الجماعة، من قبل أن تحكم مصر، هى فكرة تنطلق من عقيدة انشاء تنظيمات أمنية بديلة لمؤسسات الدولة، لتتمكن الجماعة من إحكام السيطرة عليها لتحولها إلى إمارة تابعة لدولة الخلافة، التى ترنو إلى استعادتها من ظلام القرون الوسطى.

شىء من كل ذلك حدث فى تونس. وعلى مدار عشر سنوات تصدرت حركة النهضة، الفرع التونسى لجماعة الإخوان، المشهد السياسى فى البلاد، وبأغلبيتها العددية  المصنوعة فى البرلمان التى حصلت عليها بتضليل الشعب التونسى، تمكنت النهضة من الاستحواذ على ثمار تمرده لاسقاط  نظام «بن على» عبر تلال من الأكاذيب روجتها عن نفسها، فضلا عن أنها صاغت الدستور والقوانين الانتخابية على مقاسها، مستندة إلى  دعم الغرب الأمريكى والأوروبى لبقائها فى السلطة، بالاضافة لمساندة بعض المنتفعين من قوى سياسية انتهازية، ونفوذ التنظيم الدولى للجماعة .

كان من الطبيعى أن تسفر تلك  الأوضاع المختلة، عن أزمة سياسية طاحنة تتصارع على تقسيم المناصب وتقوية النفوذ، وبرلمان يقوده زعيم الحركة راشد الغنوشى، كل دوره مناصبة رئيس الدولة  العداء، والتصدى للخصوم والمعارضين وحتى اغتيالهم. والنتيجة  عقد كامل من  الركود الاقتصادى وترهل فى مؤسسات الدولة والتصارع فيما بينها، وتوقف أوجه الإنتاج، وتصاعد فى ظاهرة الإرهاب والتشدد الدينى، وعداء مخجل لدول المحيط الإقليمى، وتذمر شعبى لم يتوقف لحظة.

رفض الرئيس التونسى القبول بالأمر الواقع الذى تريد النهضة فرضه على مصير تونس ومستقبلها، وأدرك أن الدستور يمنحه الحق بألا يكتفى بأن يوضح للتونسيين مخاطر استمرار ذلك الواقع، بل مد بصره إلى أسبابه. وفى يوليو من العام الماضى حل الحكومة التى رهنت قرارها بحركة النهضة فعطلت عمل مؤسسات الدولة، وجمد برلمان  الغنوشى، ثم شكل حكومة جديدة.

وقبل نحو ثلاثة أسابيع، عقد عدد من نواب النهضة اجتماعا اليكترونيا أنهوه بمشروع قرار يلغى ما سموه انقلاب رئيس الجمهورية على الدستور، فأصدر قيس سعيد قرارا بحل البرلمان، والهدف كما قال، الحفاظ على أمن ووحدة تونس، وعدم ترك العابثين يواصلون عدوانهم على مؤسسات ومقدرات الشعب.

وكان الرئيس التونسى قد أعلن فى نهاية العام الماضى، خطة سياسية، تستفتى التونسيين إليكترونيا ،عن ارئهم فى تعديل الدستور والقانون الانتخابى، وإعادة تشكيل الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات، فاستجاب للمشاركة بها نحو نصف مليون تونسى.

تفرض قرارات قيس سعيد مزيدا من العزلة على حركة النهضة،  كما أنها تفتح الباب لمحاكمة بعض قادتها بتهم فساد وعنف وتحايل على القانون، بعد ان أدت سياستها إلى  تدهور شعبيتها، وقاد الانقسام فى صفوفها إلى ضعفها التنظيمى وتراجع الثقة فى قدرة ونزاهة  قادتها، الذين لم يخجلوا من صرف أموال الدولة، لمنح تعويضات «لمجاهدى حركة النهضة»!

وبناء على ما سبق، من المرجح أن تجرى تونس فى يوليو القادم  استفتاء على تعديل الدستور بما يجعله  أقرب كثيرا  للنظام الرئاسى، وأقل قليلا من النظام البرلمانى، وتغيير القانون الانتخابى، وإعادة تشكيل الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات، على ان تجرى انتخابات تشريعية جديدة نهاية العام الجارى.

وهكذا تخرج حركة النهضة -كما خرج نظراؤها  فى مصر- من المعادلة السياسية صفر اليدين. فالتونسيون لن يسمحوا لها كما قال سعيد بأن تكون الدولة لعبة فى أيديهم.