عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

بالطبع حينما يقرأ أحدكم هذا العنوان المغلف بالسؤال عن معنى الإسلام قد يتهمنى بالسطحية بل وربما يسخر متسائلا : وهل سنتعلم منكم أيها الفلاسفة معنى الإسلام ؟! الإسلام هو الدين السماوى الخاتم، هو ديننا الحنيف الذى نؤمن فيه بالله الواحد الأحد ربا وبمحمد (صلى الله عليه وسلم) رسولا ثم يأخذ فى ترديد أركان الدين الإسلامى الخمسة وصور من العبادات التى يمارسها أى مسلم مؤمن بالدين الإسلامى الحنيف.. إلخ..!!

ولست أضيق بذلك الساخر لأنه يعى تماما معنى الإسلام كعقيدة سماوية نؤمن بها كمسلمين موحدين نصلى ونصوم لله عز وجل ونعمل الصالحات كما أمرنا وننتهى عما نهانا عنه. لكن الحقيقة أننى فى هذه العجالة أود أن أضيف إلى أفهامنا بُعدا جديدا لمعنى الإسلام، وهذا البُعد أستنبطه من المعنى اللفظى للكلمة وليس من المعنى الاصطلاحى لها ؛ لأننا عادة ما نقصر الفهم لمعنى الإسلام على ذلك المعنى الاصطلاحى الذى عبر عنه صديقنا الساخر فيما سبق ؛ فالإسلام لفظا يعنى الاستسلام وحينما ننظر إلى هذا اللفظ من جهة الدين الإسلامى والشريعة الإسلامية فهو يعنى ببساطة الاستسلام لله والخضوع له بأن يلتزم الشخص المسلم بفعل أوامره وترك نواهيه كما وردت فى القرآن الكريم وكما شرحتها السنة النبوية المطهرة، لكن السؤال الأشمل هو : ماذا لو نظرنا إليه من منظور كونى شامل وبعيدا عن كونه دينا ينبغى أن يؤمن به البشر العارفون بفضله المقدرين لمكانته ؟!

 الحقيقة من هذا المنظور الشامل أن الإسلام هو دين الكون كله وليس دينا للبشر فقط ؛ وانظر معى إلى قوله تعالى فى الآية الأولى من سورة الحشر « سبح لله مافى السموات ومافى الأرض وهو العزيز الحكيم « ومثيلتها فى مطلع سورة التغابن « يسبح لله مافى السموات ومافى الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير « ؛ فلو تأملنا معنى الآيتين هنا سنجد أنهما يبدآن بلفظة سبح ويسبح لله ومعناهما اللغوى صلى وسجد لله..إذن فكل مافى الكون من ظواهر وأشياء وكائنات من حولنا تسبح لله أى تعبده وتصلى له وهى كلها تأتمر بأمره بحسب مابث فيها أو بحسب ماتمتلكه من قدرات وأدوات للعبادة والامتثال. وربما يقول القائل هنا : لكن هذه الظواهر والكائنات الأخرى ماعدا الانسان لاتمتلك من الوعى والقدرة مايجعلها تؤمن وتسبح لله !!. وعلى هذا القائل ترد الآية الكريمة : « إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا « ( الأحزاب 72)، وهى تلك الآية التى نتخذها تكئة لتمييز الإنسان وإعلان مركزيته البشرية وعلو مكانته على بقية الكائنات بينما هى فى الواقع تشير وتؤكد العكس !

ويبدو من هذه الآية المعجزة أن السموات والأرض أشفقن على أنفسهم من حمل هذه الأمانة فحملها الانسان، لكنه للأسف سيقصر فى أدائها ؛ إذ على الرغم من أنه يملك آدواتها إلا أنه جهل المعنى الحقيقى لها وتصور خطأ أنها تعنى أن يستبد ويقهر ويُسخر كل مافى الوجود لمصلحته ومنفعته الذاتية، وهنا فقد بدا ظلمه وتجلت ظلاميته !!

فهو لم يخلق متميزا بالعقل والفهم لكى يتكبر ويتجبر على بقية مخلوقات الله، بل خلق لينشر بهذا العقل التسامح والرحمة بين بين بنى البشر وبين بقية المخلوقات، وليحقق السلام الكونى بنشر المحبة بين مخلوقات الله على الأرض.. وهذا هو المعنى الحقيقى والأعمق للإسلام. فهو رسالة كونية شاملة وان اختص بحمل أمانتها البشر وليس فقط المؤمنون بالدين الإسلامى وان كانوا هم الذين يقع عليهم الأكبر بالوعى بهذه الرسالة ونشرها.. فهل يفهم البشر وخاصة من ينتسبون للإسلام اسمًا وليس رسالة ذلك ؟!